تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَسۡـَٔلُواْ عَنۡ أَشۡيَآءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ وَإِن تَسۡـَٔلُواْ عَنۡهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلۡقُرۡءَانُ تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَاۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (101)

وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ }

يحتمل أن يكون النهي عن السؤال عن أشياء ، عن أسئلة كانت منهم لم تكن لهم حاجة إليها ، فنهوا عن ذلك إلى أن تقع لهم الحاجة . فعند ذلك يسألون . كأنهم سألوه عن البيان والإيضاح قبل أن يحتاجوا إليه .

ألا ترى أنه قال صلى الله عليه وسلم { وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ } الآية ؟

ويحتمل أن يكون خرج النهي عن السؤال ابتداء على غير تقدم سؤال كان منهم . ولكن نهوا عن السؤال عنها . ثم يحتمل بعد هذا أن كان على ابتداء السؤال كان من أهل النفاق ، ؛ يسألون سؤال تعنت لا سؤال استرشاد ؛ يسألون عن آيات بعد ما ظهرت لهم ، وثبتت عندهم الحجج ، وعرفوا أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان النهي للمؤمنين فهو ما ذكرنا من سؤال البيان قبل وقوع الحاجة إليه . وقيل نزلت في قوم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم [ عن ] الحج ، فقال رجل : أفي كل عام يا رسول الله ؟ [ فرد عليه رسول الله ] : «لو قلت : نعم صار مفروضا ، فإذا صار مفروضا تركتم ، وإذا تركتم جحدتم ، وإذا جحدتم كفرتم » [ السيوطي في الدر المنثور 3/206 ] . لأن من جحد فرضا مما فرضه الله كفر ، أو كلا من نحو هذا .

ولا يجب أن يفسر هذا أنه كان في كذا ؛ إذ ليس في كتاب الله بيانه سوى أن فيه النهي عن سؤال ما لا يحتاج إليه . وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ] قال : لا تسألوا عن أشياء ، قد عفا الله عنها . { إن تبد لكم تسؤكم } إن تظهر لكم إن أمرتم العمل بها ، والله أعلم بذلك .