فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٖ} (38)

{ ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام } أولها الأحد وآخرها الجمعة ، فخلق الأرض في يومين ومنافعها في يومين والسماوات في يومين ولو شاء لخلق الكل في أقل من لمح البصر ، ولكنه تعالى من فضله علمنا بذلك التأني في الأمور ، واليوم قد يطلق ويراد به القوت والحين ، وقد يعبر به عن مدة الزمان ، أي مدة كانت وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة الأعراف وغيرها مرارا .

{ وما مسنا من } زائدة { لغوب } أي تعب وإعياء ، يقال : لغب يلغب بالضم لغوبا وقال ابن عباس : لغوب نصب ، قال الواحدي : قال جماعة المفسرين : نزلت ردا على اليهود في قولهم : إن الله استراح يوم السبت واستلقى على العرش ، فلذلك تركوا العمل فيه ، فأكذبهم الله بقوله : وما مسنا من لغوب ، وانتفاء التعب عنه لتنزهه تعالى عن صفات المخلوقين ، ولعدم المماسة بينه وبين غيره إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون قال الرازي : والظاهر أن المراد الرد على المشركين ، والاستدلال بخلق السماوات والأرض وما بينهما في أمر البعث وأما ما قاله اليهود ونقلوه فهو ما تحرف منهم ، أو لم يعلموا تأويله { فاصبر على ما يقولون } هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأمر له بالصبر على ما يقوله المشركون ، أي هون عليك ولا تحزن لقولهم ، وتلق ما يرد عليك منهم بالصبر { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب } أي نزه الله عما لا يليق بجانبه العالي ، متلبسا بحمده وقت الفجر ووقت العصر ، وقيل : المراد صلاة الفجر وصلاة العصر ، قاله ابن عباس ، وقيل الصلوات الخمس ، وقيل : صل ركعتين قبل طلوع الشمس وركعتين قبل غروبها ، والأول أولى { ومن الليل فسبحه } من للتبعيض أي سبحه بعض الليل ، وقيل : هي صلاة الليل ، وقيل ركعتا الفجر ، وقيل صلاة العشاء والأول أولى .