اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٖ} (38)

قوله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أعاد الدليل مرة أخرى وقد مرّ تفسيره في الم السجدة ، فقيل : إن هذا ردّ على اليهود في قولهم : إن الله - سبحانه وتعالى - استراح يوم السَّبْتِ . والظاهر أنها ردّ على المشركين ، أي لم يَعْيَ عن الخلق الأول فكيف يعجز عن الإعادة ؟

قال ابن الخطيب : وأشار بقوله : فِي ستَّة أيام إلى ستة أطْوَارٍ لأَنَّ المراد من الأيام لا يمكن أن يكون هو المفهوم من وضع اللغة ، لأن اليوم في اللغة عبارة عن زمان مُكْثِ الشَّمْس فوق الأرض من الطُّلوع إلى الغُرُوب . وقيل : خلق السماوات لم يكن شمسٌ ولا قمرٌ لكن اليوم يطلق ويراد به الوقت ، يقال : يَوْمَ يُولَدُ لِلْمَلِكِ ابْنٌ يَكُونُ سُرُورٌ عَظيمٌ ويَوْمَ يَمُوت فُلاَنٌ يَكُون حُزْنٌ شَدِيدٌ ، وإن اتفقت الوِلادة أو الموت لئلا لا يتعين ذلك . وقد يدخل في مراد القائل ، لأنه أراد باليوم مُجَرّد الوقتِ{[52574]} .

قوله : { وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } يجوز أن يكون حالاً{[52575]} ، وأن يكون مستأنفاً{[52576]} . والعامة على ضَمِّ لام اللُّغُوب . وعليٌّ وطلحةُ والسُّلَمِيّ ويَعْقُوبُ{[52577]} بفتحها . وهما مصدران ( بمعنًى ){[52578]} . وينبغي{[52579]} أن يضم هذا إلى ما حكاه سِيبويه من المصادر الجائية على هذا الوزن وهي خمسة{[52580]} وإلى ما زاده الكسائي{[52581]} وهو الْوَزُوعُ فتصير سبعةً ، وقد تقدم هذا في البقرة عند قوله تعالى : { وَقُودُهَا الناس والحجارة } [ البقرة : 24 ] واللّغوب العناءُ والتّعَبُ{[52582]} .


[52574]:الرازي 28/184 في التفسير الكبير.
[52575]:فتكون في محل نصب على الحالتين.
[52576]:فتكون لا محل لها من الإعراب. وقد قال بهذين الوجهين أبو حيان في البحر 8/129.
[52577]:لم تُروَ عنه في المتواتر، وتلك قراءة شاذة ذكرت في البحر المرجع السابق والكشاف 4/12، والمحتسب 2/285، ومختصر شواذ القراءات لابن خالويه 145.
[52578]:سقط من (ب) قال أبو حيان: الأول مقيس (وهو الضّم) وأما الفتح فغير مقيس كالقَبول، والوَلوع.
[52579]:في (ب) وينبني.
[52580]:وهي: الوَضُوء، والوَلُوع، والطّهور، والوَزوع وهو الإغراء، والقَبُول.
[52581]:البحر 8/129.
[52582]:القرطبي 17/23.