تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ} (58)

الآية 58 وقوله تعالى : { ليس لها من دون الله كاشِفة } دلّت الآية على أن الله تعالى لم يُؤت علم قيام الساعة ووقوعها أحدا ، وهو كقوله تعالى : { لا يُجلّيها لوقتها إلا هم } [ الأعراف : ‍187 ] .

وللباطنية أدنى تعلّق في هاتين الآيتين لأنهم قالوا : إن الآخرة للحال كائنة ، لكنها مختفية مستترة ، تُظهَر ، وتُكشَف عند فناء هذه الأجسام وذهاب هذه الأبدان . ويستدلّون بقوله تعالى : { لا يُجلّيها لوقتها إلا هو } [ الأعراف : 187 ] وبقوله تعالى : { ليس لها من دون الله كاشِفة } ويقولون : إن لفظ التجلي والكشف إنما يستعملون في ما هو كائن ثابت ، يظهر عند ارتفاع التواتر ، لا يخفيها إلا في الإنشاء ابتداءً .

ولكن عندنا أن حرف الكشف والتجلّي يُستعمل في ابتداء الإحداث والإنشاء وفي إظهار ما كان كامنا خافيا . فإذا كان كذلك بطل استدلالهم بذلك ، وهو كقوله تعالى : { عالم الغيب والشهادة } [ الأنعام : 73 و . . . ] هو عالم بما كان خفيًّا بحق الخَلق وما هو شاهد ظاهر وعالم بما يكون وبما هو كائن للحال ، والله الموفّق .