قوله : { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله كَاشِفَةٌ } يجوز أن يكون «كَاشِفَةٌ » وصفاً{[53805]} وأن يكون مصدراً{[53806]} ، فإن كانت وصفاً احتمل أن يكون التأنيث لأجل أنه صفة لمؤنث محذوف فقيل : تقديره : نَفْسٌ كَاشِفَةٌ أو حالٌ كَاشِفَةٌ .
فإن قيل : إذا قدرتها نفسٌ كاشفة ، وقوله { مِن دُونِ الله } استثناء على المشهور فيكون الله نفساً كاشفة{[53807]} ؟
الأول : لا فساد في ذلك لقوله تعالى حكايةً عن عيسى - عليه الصلاة والسلام - { وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } [ المائدة : 116 ] .
الثاني : ليس صريحاً في الاستثناء فيجوز أن لا يكون نفساً .
الثالث : الاستثناء الكاشف المُبَالِغ{[53808]} ويحتمل أن يكون التاء للمبالغة كَرَاوية ، وعَلاَّمَة ونَسَّابَة أي ليس لها إنسان كاشفة أي كثير الكشف .
وإن كانت مصدراً ، فهي كالخَائِنَة والعَافِيَة والْعَاقِبَة ، والمعنى ليس لها من دون الله كشفٌ أي لا يكشف عنها ، ولا يظهرها غيره ، فيكون من كشف الشيء أي عرف حقيقته{[53809]} ، كقوله : { لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ } [ الأعراف : 187 ] وإما من كشف الضر أي أزالهُ . والمعنى ليس لها من يزيلها ويردها إذا غَشِيَت الخَلْقَ أهْوالُها وشدائدُها لم يكشفها أحد عنهم غيره . وهذا قول عطاء وقتادة والضحاك{[53810]} . وتقدم الكلام على مادة «أَزِفَ » في غافر .
و«مِنْ » زائدة ، تقديره ليس لها غيرُ الله كَاشفة ، وهي تدخل على النفي فتؤكد معناه تقول : مَا جَاءَنِي أَحَدٌ ، ومَا جَاءنِي مِنْ أَحَدٍ ، وعلى هذا يحتمل أن يكون فيه تقديم وتأخير أي ليس لها من كاشفة دونَ الله فيكون نفياً عاماً بالنسبة إلى الكواشف ، ويحتمل أن تكون غير زائدة ، والمعنى ليس لها في الوجود نفس تكشفها{[53811]} أي تخبر عنها كما هي من غير{[53812]} الله يعني من يكشفها فإنما يكشفها من الله لا من غير الله كقولك : كَشَفْتُ الأَمْرَ مِنْ زَيْدٍ . و«دون » يكون بمعنى غير كقوله تعالى : { أئِفْكاً آلِهَةً دُونَ الله تُرِيدُونَ } [ الصافات : 86 ] أي غير الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.