الآية 23 والرابع : ما ذكرنا في قوله تعالى : { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس } الآية { الملك } من الملك ، أي ملك كل شيء له ، ليس لأحد سواه حقيقة الملك .
[ وقوله تعالى ]{[21005]} : { القدوس } قيل فيه بوجهين :
[ أحدهما : ما ]{[21006]} قال بعضهم { القدوس } هو المبارك ، والبركة اسم كل خير ، أي منه جميع الخيرات . لكن لا يجوز أن يقال لله تعالى : يا مبارك ، وإن كان المعنى منه يؤدي إلى أن يؤتى منه كل خير ، لأنه لا يعرف في أسمائه هذا بالنقل . وعلينا أن نسكت عن تسميته بما لم يسم نفسه بذلك . لذلك قلنا : إنه لا يجوز التسمي بالمبارك ، والله الموفق .
والثاني : { القدوس } هو الظاهر ؛ يعني هو مقدس عما قالت الملاحدة والكفرة فيه من الولد والشريك .
وقوله تعالى : { السلام } اختلف في تأويله ؛ منهم من قال : سمى نفسه سلاما لما هو سالم من الآفات ، وغيره من المخلوقين لا يسلمون من حلول الآفات بهم .
وقال آخرون : سمى نفسه سلاما لما سلم المؤمنون من عذابه ، والتأويل الأول أقرب .
وقوله تعالى : { المؤمن } اختلف الناس في تأويله ؛ قال قائلون : هو الأمان ، أي يؤمّن المؤمنين من العذاب ، ولا يمكن لأحد أن يؤمن أحد من عذابه .
وقال قائلون : أصله من الإيمان ، وهو التصديق . ثم ذلك يتوجه إلى وجهين :
أحدهما : أي مصدق القول بما وعد المؤمنين الجنة .
والثاني : { المؤمن } هو المصدق لما قال المؤمنون المصدقون من تصديقهم ، فيصدقهم بما قالوا .
ومن الناس من قال سمى نفسه بما أخبر أن هذا القرآن لما بين يديه مصدق .
وقوله تعالى : { المهيمن } اختلف فيه أيضا ؛ قال قائلون : هو المسلط . وقال قائلون : { المهيمن } هو الشاهد .
فمن قال بالأول فإنه يذهب إلى أن أصل ذلك من المؤيمن ، وهو من الأمانة ، وإلى هذا التأويل يذهب القتبي ، أي أمين{[21007]} في كل ما يقول وفي كل ما يفعل ، أي لا يجور .
ومن قال بأنه ، هو المسلط [ فإنه يذهب إلى أن ]{[21008]} أصله من هيمن يهيمن ، أي سلط يسلط ، وسئل{[21009]} عن تأويل المسلط ، فقال : هو كالظاهر ؛ إذ قهر العباد كلهم ، وهم ملك له .
ومن فسره بالشاهد فإنه يحتمل تأويلين :
أحدهما : أي شاهد على أفعال العباد من حيث لا يغيب عنه شيء .
والثاني : أي شاهد بما أنزل على رسوله بالصدق ، وهو كقوله تعالى : { وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه }[ المائدة : 48 ] أي شاهدا عليه .
وقوله تعالى : { العزيز } أي ما من عزيز دونه إلا وهو ذليل .
وقوله تعالى : { الجبار } قيل فيه بوجهين :
أحدهما : سمى نفسه الجبار لأنه هو المجبر لكل كبير .
[ والثاني : ما قال ] قائلون : سمى نفسه [ { الجبار } ]{[21010]} لجبروته وعظمته ، ولا يجوز لأحد أن يتسمى بذلك الاسم إلا هو ، أي الله تعالى ، وتجبر عن أن يكون له أمثال وأشكال .
وقوله تعالى : { المتكبر } من الكبرياء والعظمة ، هذا الاسم لا يليق لغيره ، لأن الخلق ، بعضهم لبعض أكفاء في الخلقة ، فلا فضل لأحد على آخر . فلما استووا لم يجز لأحد على آخر التكبر ، فصار الحق في ذلك لله تعالى .
والتكبر على الآخر هو الارتفاع . والأصل فيه واحد ؛ وهو ألا يرى لنفسه شكلا ، والله أعلم .
إنما سمى نفسه متكبرا ؛ إذ هو المتكبر بذاته ، لم يكن تكبره بغيره . فلذلك قلنا : إنه لا يستحق أحد من الخلائق التكبر إلا الله تعالى ؛ إذ لم يكن أحد شكلا ولا ضدا ولا ندا . وأما غيره من الخلائق فكل واحد منهم بالذي له شكل .
وقوله تعالى : { سبحان الله عما يشركون } فيه تنزيه لله تعالى عما قالت فيه الملحدة ، فهذا اسم سمى به نفسه ، وأمر الملائكة والأنبياء والمؤمنين أن يقولوا ذلك .
ومعنى قوله : { سبحان الله } أي معاذ الله أن يكون ذلك على ما قالت الكفرة .
وسمى نفسه جبارا لما أنه يجبر الأشياء ، فيجعلها على ما يشاء ، وهو كقوله : { يصوركم في الأرحام كيف يشاء } [ آل عمران : 6 ] [ فيخلق الأشياء على ما يريده ]{[21011]} لا على ما يريده غيره .
قال ، رحمه الله تعالى : إن الله تعالى يتعالى بمعان خمسة{[21012]} :
أحدها : تعاليه عن الظلم والجور وجميع ما لا يليق [ به ]{[21013]} .
والثاني : تعاليه على الأشياء كلها بقهره إياها وتصريفه إياها على ما يشاء ، أي ليس أحد ، يقهره ، بل يقهر الخلائق .
والثالث : تعاليه عن [ أن ]{[21014]} تمسه الحاجة والآفة . وكل من دونه ، لا يخلو عن ذلك .
والرابع : تعاليه عما قال الظالمون فيه من الولد والأضداد والأشكال والأنداد .
[ والخامس ]{[21015]} : تعاليه عن جميع السوء الذي يصيب الخلق ، والله المستعان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.