تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ أَخَذۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (130)

الآية 130 وقوله تعالى : { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذّكّرون } عن ابن مسعود رضي الله عنه [ أنه قال : { بالسنين } ]{[8839]} بالجوع ، وقيل : بالقحط ، [ وقال مجاهد : { بالسنين } ]{[8840]} بالحوائج { ونقص من الثمرات } دون ذلك .

وقال القتبيّ : { بالسنين } بالجدب ؛ يقال : أصاب الناس سنة أي جدب .

فإن قيل : ذكر أنه أخذ آل فرعون ، وكان فيهم بنو إسرائيل ، فما معنى التخصيص ؟ قيل : يحتمل أن يكون ذلك لهم خاصة دون بني إسرائيل ، وإن كان فيهم ، على ما ذكر في بعض القصة أن القبط كانوا يشربون الدم ، وبنو إسرائيل الماء ، أو كان الجدب والنقص من الثمرات يضرّ آل فرعون ، ولا يضرّ بني إسرائيل ، لما أنهم كانوا يأكلون لشهوة ، وبنو إسرائيل للحاجة .

فمن يأكل للحاجة كان أقل حاجة إلى الطعام ممّن{[8841]} يأكل للشهوة . فإذا لم يجدوا ما يأكلون للشهوة كان لهم ما أضر بهم . ألا ترى أنه قيل : يأكل المؤمن في معى واحد ، والكافر بسبعة أمعاء ؟

أو خرج تخصيص ذلك لهم لما أن في عقد بني إسرائيل أن لله{[8842]} أن يمتحنهم بجميع أنواع المحن مرة بالشدة ومرة بالسعة ، وفي{[8843]} عقد القبط لا ، فأضيف إليهم ذلك لما لم يكن في عقدهم ذلك ، وإن كانوا جميعا في ذلك .

وقوله تعالى : { لعلهم يذّكّرون } أي يتّعضون و : لعل من الله واجب [ أن يتعظوا ]{[8844]} لكنهم عاندوا ، وكابروا ، وإلا قد لزمهم الاتعاظ .


[8839]:في الأصل وم: {بالسنين} قال.
[8840]:في الأصل وم: ومجاهد {بالسنين} قال.
[8841]:في الأصل وم: فمن.
[8842]:في الأصل وم: الله.
[8843]:في الأصل وم: ومن.
[8844]:في الأصل وم: قد اتعظوا.