تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبۡعَثَنَّ عَلَيۡهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَن يَسُومُهُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (167)

الآية 167 وقوله تعالى : { وإذ تأذّن ربك } تأذّن أي قال ربك . وقال أبو عوسجة : { وإذ تأذّن } هو من الأذان ؛ أي أعلم ربك . وقوله تعالى : { وإذ تأذّن ربك } الآية قال{[9069]} نزلت هذه الآية بمكة في شان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الكفار كانوا يمنعون من أراد الإسلام اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، فوعدهم الله { ليبعثنّ عليهم } من يقاتلهم ، ويأخذ منهم الجزية { إلى يوم القيامة } جزاء ما كانوا يمنعون الناس عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، والإجابة له في ما يدعو إليه .

وقال قائلون : هو في بني إسرائيل ، وهو ما قال تعالى : { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرتين } إلى قوله تعالى : { عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا } [ الإسراء : 4-8 ] أخبر إن عادوا عدنا . ولم يبين إن عادوا عدنا بماذا ؟

ثم بيّن في هذه الآية بقوله : { ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب } .

وقال قائلون : هذا إنما كان في هؤلاء الذين سبق ذكرهم في قوله : { أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس } [ الأعراف : 165 ] .

وقال أبو بكر الأصمّ : الآية لا تحتمل في هؤلاء ؛ لأن من آمن منهم لم يحتمل ذلك ، ومن صار منهم قرودا لم تحتمل أيضا بعد ما صاروا قرودا

فهي{[9070]} والله أعلم على الوجهين اللذين ذكرناهما .

وقوله تعالى : { إن ربك لسريع العقاب } يأخذهم في حال أمنهم ، ليس كما يأخذ ملوك الأرض قومهم بعد ما يتقدم منهم إليهم تخويف ، فعند ذلك يأخذهم بالعذاب . أو يقال { لسريع العقاب } أي عن سريع يأخذ عقابه .

وقوله تعالى : { لسريع العقاب } لمن كفر ، وكذّب { وإنه لغفور رحيم } لمن آمن ، وصدّق بالله ورسوله /189-أ/ .


[9069]:في الأصل وم: قالت.
[9070]:في الأصل وم: فهو.