تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَهُمۡ أَرۡجُلٞ يَمۡشُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ أَيۡدٖ يَبۡطِشُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ أَعۡيُنٞ يُبۡصِرُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۗ قُلِ ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ} (195)

الآية 195 وقوله تعالى : { ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها } يسفّه عقولهم بعبادتهم الأصنام التي لا أرجل لهم يمشون بها ، يهربون ممن يقصدهم بالسوء ، أو يقصدون بهم قصد من أراد الضر بهم والسوء ، وكذلك يعبدون ما لا أيدي لهم يبطشون [ بها ]{[9245]} يدفعون عن أنفسهم من أراد [ بهم ]{[9246]} السوء ، أو يأخذون من يقصدهم .

وكذلك قوله تعالى : { أم لهم /193-أ/ أعين يبصرون بها } يبصرون من يقصدهم بالسوء { أم لهم آذان يسمعون بها } من يشتمهم ، ويذكرهم بالسوء ؟ يسفّههم في عبادتهم من لا يملك دفع من يقصده بالسوء إما هربا منه وإما قصدا منه إليه بالسوء .

فإذا كانوا لا يملكون ذلك كيف تعبدون ؟ وهو كقول إبراهيم عليه السلام { يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا } [ مريم : 42 ] فإذا كانوا لا يملكون دفع ما يحل بهم كيف يملكون جر النفع إليكم أو دفع الضر عنكم ؟

وقوله تعالى : { قل ادعوا شركاءكم } قال بعض أهل التأويل : خاطب كفار مكة بقوله تعالى : { قل ادعوا شركاءكم } الذين تزعمون أنهم آلهة دون الله . ويحتمل قوله تعالى { شركاءكم } أي ادعوا من شاركوكم في عبادة من دونه { ثم كيدوني } ويحتمل أن يكون الخطاب لجميع الكفار الذين يعبدون الأصنام والأوثان من دون الله .

قال ذلك لهم رسول الله بين ظهرانيهم { ثم كيدون فلا تنظرون } ثم لم يقدر أحد الكيد به والضرر مع قوّتهم وعدتهم بالكثرة والأعوان وضعف رسوله وقلة أعوانه .

دل عجزهم عن ذلك أنه كان آية في نفسه ، وأنه بالله تعالى ينتصر ، وبه قوي على أعدائه . وذلك من عظيم آياته لأنه قال ذلك لمن همهم القتل والإهلاك لمن خالفهم في ما في هم فيه .

ثم لم يقدر أحد منهم الضرر به . دل أنه بالله حفظه . وكذلك سائر الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، حين{[9247]} كانوا بين ظهراني قومهم من نحو هود ونوح وهؤلاء { فكيدوني جميعا ولا تنظرون } [ هود : 55 ] وقال نوح : { إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون } الآية [ هود : 38 ] .


[9245]:ساقطة من الأصل وم.
[9246]:ساقطة من الأصل وم.
[9247]:في الأصل وم: حيث.