قوله : { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } قرأ العامَّةُ بكسر الطاء ، من بطش يبطش ، وقرأ أبو جعفر وشيبة ، ونافع في رواية عنه : يَبْطُشُونَ بضمها{[17089]} ، وهما لغتان ، والبَطْشُ ، الأخْذُ بقوة .
واعلم أنَّهُ تعالى ذكر هذا الدَّليل لبيان أنه يقبح من الإنسان العاقل أن يعبد هذه الأصنام ؛ لأنَّ هذه الأعضاء الأربعة إذا كان فيها القوى المحركة والمدركة كانت أفضل منها إذا كانت خالية عن هذه القوى ، فالرِّجلُ القادرةُ على المشي ، واليد القادرةُ على البَطْشِ أفضل من اليد والرجل الخاليتين عن قوة الحركة والحياة ، والعينُ البَاصرةُ والأذنُ السَّامعة أفضل من العين والأذن الخاليتين عن القوة السَّامعة ، والباصرة ، وعن قوَّةِ الحياة .
وإذا ثبت ذلك ظهر أن الإنسان أفضل بكثير من الأصنام بل لا نسبة لفضيلة الإنسان إلى فضيلة الأصنام ألبتة .
وإذا كان كذلك فكيف يليقُ بالأفضل والأكل الأشرف أن يعبد الأخسّ الأدون الذي لا يحصل منه فائدة ألبتَّة ، لا في جلب منفعة ولا في دفع مضرَّة .
قوله : { قُلِ ادعوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ } قرأ أبُو عمرو{[17090]} كِيدُونِي بإثبات الياءِ وصلاً ، وحذفها وقفاً وهشام بإثباتها في الحالين ، والباقون بحذفها في الحالين ، وعن هشامٍ . خلاف مشهور قال أبُو حيان : وقرأ أبُو عمرو وهشام بخلاف عنه فكيدُونِي بإثبات الياءِ وصلاً ووقفاً .
قال شهابُ الدِّينِ : أبو عمرو لا يثبتها وقفاً ألبتَّة ، فإنَّ قاعدته في الياءاتِ الزائدة ما ذكرته ، وفي قراءة فَكِيدونِي ثلاثةُ ألفاظٍ ، هذه وقد عُرف حكمُهَا ، وفي هود : " فكيدوني جميعاً " أثبتها القراء كلهم في الحالين .
وفي المُرسلاتِ : { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } [ الآية : 39 ] حذفها الجميعُ في الحالين وهذا نظيرُ ما تقدَّم في قوله { واخشوني } [ البقرة : 150 ] فإنَّها في البقرة ثابتةٌ للكلّ وصلاً ووقفاً ، ومحذوفةٌ في أوَّل المائدة ، ومختلف في ثانيتها .
والمعنى : ادعُوا شركاءكم يا معشر المشركين ثمَّ كيدوني أنتم وهم فلا تُنظِرُون أي لا تمهلون واعجلوا في كيدي ليظهر لكم أنَّ لا قدرة لها على إيصال المضار بوجه من الوجوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.