تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَنَّا لَا نَدۡرِيٓ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدٗا} (10)

الآية 10 : وقوله تعالى : { وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا } فهو يحتمل وجهين :

أحدهما : لا ندري بم قطعت ؟ بالحرس أم{[22283]} بالشهب أخبار السماء عن أهل الأرض ؟ وحبس الذين يصعدون السماء عن أخبار السماء{ ويقذفون من كل جانب } { دحورا } [ الصافات : 8 و9 ] بأهل الأرض{ أشر }{[22284]} وهو إنزال العذاب عليهم[ { أم أراد بهم ربهم } أن يرسل رسولا ]{[22285]} يرشدهم .

[ والثاني ]{[22286]} : جائز أن يكونوا أيقنوا أن أخبار السماء إنما انقطعت عن أهل الأرض بما يرسل إليهم من الرسل{[22287]} ، فيكون الرسول ، هو الذي يخبرهم بمالهم إليه من حاجة ، ولكنهم لم يدروا أنه أريد بهم الرشد بإرسال الرسول أم{[22288]} الشر ، لأنهم كانوا علموا أن من آمن بالرسول المبعوث ، ونظر إليه بعين الاستهداء والاسترشاد{[22289]} ، فقد رشد ، ومن نظر إليه بعين الاستخفاف والاستهزاء استؤصلوا ، فلم يدروا أيكذبون الرسول ، فيحل بهم الهلاك في العاقبة أم{[22290]} يصدقون ، فيرشدون به . وهذا تبين أن العواقب في الأشياء هي المقصودة ، وأن الحكيم ما يفعل من الأمر يفعله للعواقب .

وفي هذا إباتة أن الجن من المسلمين ، لم يكونوا معتزلة ؛ إذ من قول المعتزلة أن الله تعالى لا يفعل بعباده إلا ما هو أصلح لهم في الدين والدنيا في حقهم ، والجن قد أيقنوا أن الله تعالى قد يريد الشر لمن يعلم أنه يؤثر فعل الشر على فعل الخير ، ويريد الخير لمن يعلم بأنه يؤثره على فعل الشر .


[22283]:في الأصل و م: و.
[22284]:في الأصل و م: الشر.
[22285]:في الأصل و م: أو أريد بهم أن يرسل رسول.
[22286]:في الأصل و م: و.
[22287]:في الأصل و م: الرسول.
[22288]:في الأصل و م: أو.
[22289]:في الأصل و م: والإرشاد.
[22290]:في الأصل و م: و.