تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذۡ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحۡدَى ٱلطَّآئِفَتَيۡنِ أَنَّهَا لَكُمۡ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَيَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (7)

وقوله تعالى : ( وَإِذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ ) ذكر في بعض القصة أن عير قريش حين أقبلت من الشام خرج أصحاب رسول الله نحوهم على ما يخرج إلى العير غير متأهبين [ للحرب ( أنها لكم ) ][ في الأصل وم : ( أنها لكم ) ذكر في بعض قصة الحرب ] وخرجت قريش من مكة تغيث عيرها ، فيه الطائفة الأخرى . وعد لهم أن إحدى الطائفتين لهم إما العير وإما العسكر إنهم ينصرون عليهم ( وتودون أن غير ذات الشوكة ) أي ليس فيها حرب ، ثم ( تكون لكم ) العير ، وهي أهون شوكة وأعظم غنيمة كانوا يودون ذلك .

وقوله تعالى : ( وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ ) لما لم يكونوا معدين للقتال والحرب ، وكان بهم ضعف ، وفي أولئك قوة وعدة ، والله أعلم .

وقوله[ في الأصل وم : وقال ] تعالى : ( وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ) يحتمل ، والله أعلم ، يريد أن يظهر الحق بآية منه من غير وجود الأسباب منهم ، وهو كما ذكر في قوله تعالى : ( قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ )[ آل عمران : 13 ] أخبر أن في غلبة أولئك مع ضعف أبدانهم وقلة عددهم وقصور أسباب الحرب من السلاح والعدة وغير ذلك وقوة أولئك وكثرة عددهم وعدتهم وتأهبهم واستعدادهم لذلك آية عظيمة .

فأراد أن يظهر الحق بالآية ليعلم كل منهم أنه إنما كان ذلك بالله لا بهم . وهو ما قال : ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى )[ الأنفال : 17 ] أخبر أنه كان بالله ذلك لا بهم ] .

ويحتمل قوله تعالى : ( بكلماته ) بعلمه وأمره . ويحتمل ( بكلمته ) بحججه أي يوجب ، ويظهر بحججه وبراهينه . ويحتمل ( بكلمته ) البشارات التي بشر بها المؤمنين بالنصر والظفر والعداوة التي كانت[ في الأصل وم : كان ] منهم . ويحتمل ( بكلمته ) ملائكته الذين بعثهم مددا لهم يوم بدر على ما ذكر ، فأضافهم إليه تعظيما لهم وإجلالا على ما سمى عيسى روح الله وكلمته [ إشارة إلى قوله تعالى : ( عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ، ألقاها إلى مريم وروح منه )[ النساء : 171 ] وموسى كليم الله [ إشارة إلى قوله تعالى : ( وكلم الله موسى تكليما )[ النساء : 164 ] ] تعظيما لهم وإجلالا . فعلى ذلك [ هذا ][ ساقطة من الأصل وم ] والله أعلم .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] ( ويقطع دابر الكافرين ) يحتمل آثار الكافرين ؛ يقتلون جميعا ، ويستأصلون حتى لا يبقى لهم أثر ويحتمل يقطع ما أدبرهم حتى لا يأتيهم مدد .