وقوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ/195-ب/ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) إلى آخر ما ذكر يحتمل وجوها . [ أحدهما ][ ساقطة من الأصل وم ] يحتمل قوله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين ) ظهر صدقهم عندكم بما ذكر من الأفعال من وجل القلب والخشية والثبات واليقين على ما كان عليه ، ليس كالمنافقين الذين كانوا مرتابين في إيمانهم كما وصفهم الله في آية أخرى [ في قوله ][ في الأصل وم : حيث قال ] : ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى )[ النساء : 142 ] وكانوا إذا أنفقوا أنفقوا كارهين ، وكانوا لا يذكرون الله إلا قليلا مراآة للناس .
وأما المومنون فهم الذين يومون بوفاء ذلك كله حقيقة ، فيظهر صدقهم بذلك ، وهو ما وصفهم في آية أخرى ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون )[ الحجرات : 15 ] .
والثاني[ في الأصل وم : و ] يحتمل أن يكون على الاعتقاد خاصة ، ليس على نفس العمل ؛ كأنه قال : إنما المؤمنون الذين اعتقدوا في إيمانهم ما ذكر من وجل القلوب والخشية عند ارتكاب المعصية والتقصير على القيام بما عليه . وما يرتكب المؤمن من المعاصي إنما يرتكب عن جهالة ، ثم يتوب عن قريب كقوله تعالى : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ )[ الحجرات : 17 ] يرتكب ذلك إما لغلبة شهوة ، وإما يعتقد التوبة من بعده ، وإما يرجو رحمة الله من فضله في العفو عن ذلك .
فيكون قوله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين ) اعتقدوا إيمانهم من الأفعال ، وهو كقوله تعالى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )[ التوبة : 5 ] هو الاعتقاد والقبول له أنهم إذا اعتقدوا ذلك ، وقبلوا يخلى سبيلهم . وإن لم يقيموا الصلاة وما ذكر فعلى ذلك الأفعال [ وهو كقوله تعالى ][ من م ، ساقطة من الأصل ] ( فإن تابوا )[ التوبة : 5 ] يحتمل ذلك .
والثالث[ في الأصل وم : والرابع ] : يحتمل قوله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين ) فعلوا هذا ، وأتوا بذلك كله . لكنهم أجمعوا أن من آمن بقلبه ، وصدق كان مؤمنا ، وإن لم يأت بغيره من الأفعال [ مثل من ][ في الأصل وم : نحوان ] يؤمن ، ثم يُحترم ، ويموت من ساعته ، مات مؤمنا . فدل أنه لم يخرج ذلك على الشرط لما ذكرنا ، والله أعلم . وقوله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) يخرج على وجوه .
أحدها : يخبر أن المؤمنين هم [ في الأصل وم : هو ] على وصف ما ذكر .
والثاني[ في الأصل وم : أو ] يقول : إن المؤمنين الذين ينبغي أن يكونوا ما ذكر .
والثالث[ في الأصل وم : أو ] يقول : إنما المؤمنون المختارون ما ذكر جعل الله تعالى ما ذكر [ من ][ في الأصل وم : أو ] وجل القلب وغيره علما بين الذين حققوا الإيمان في الظاهر والباطن وبين الذين أظهروا الإيمان ، وأضمروا الكفر والخلاف . وكذلك ما ذكر في آية أخرى : ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا )[ النور : 62 ] .
وقوله تعالى : ( وإذا تليت عليهم آيته زادتهم إيمانا ) يحتمل قوله تعالى : ( آيته ) حججه وبراهينه ( وإذا تليت عليهم ) ذلك زادهم[ في الأصل وم : يزداد لهم ] ثباتا وقوة على ما كانوا .
وأما المنافقون فإن الآيات التي نزلت كانت [ تزيدهم ][ إشارة إلى قوله تعالى : ( فزادتهم رجسا إلى رجسهم ][ التوبة : 125 ] ، في الأصل وم : تزداد لهم بها ] رجسا وبعدا .
فإن [ المؤمنين يزيدهم ][ في الأصل وم : المؤمنون يزيد لهم ] ذلك تباتا وقوة . أو ذكر الزيادة لأن[ من م ، في الأصل : لا ] للإيمان حكم التجدد والحدوث في كل وقت وساعة . فإذا كان له حكم الحدوث والتجدد فهو زيادة على ما كان فإن شئت سميتها تباتا .
وقال أبو حنيفة ، رحمه الله : يزيد الإيمان بالتفسير على الإيمان بالجملة فإذا فسروا له[ في الأصل وم : لهم ] ، وقالوا فلان رسول نبي ازداد بذلك له إيمانا وإن كان قد آمن به بالجملة . وكذلك الإيمان بجميع الكتب والأمر ، وإن كنا نؤمن بالجملة ( له الخلق والأمر )[ الأعراف : 54 ] فإذا عرف ذلك الأمر زاد[ في الأصل وم : ازداد ] له إيمانا له في ذلك ، والله أعلم ، لأن من آمن بالله وأن ( له الخلق والأمر ) فقد أتى بعقدة الإيمان . فإذا جاء بالتفسير واحدا بعد واحد ازداد له إيمانه بالتفسير على إيمانه بالجملة .
وقوله تعالى : ( وعلى ربهم يتوكلون ) أي على ربهم يتكلون [ في الأصل و م : يتقون ] ، ويعتقدون في كل أمورهم ؛ لا يتكلون [ في الأصل وم : يكلون ] على غيره . إنما يتوكلون على الله وليسوا [ في الأصل وم : وليس ] كالمنافقين هم إنما يتوكلون على النعم التي أعطوا لقوله تعالى : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه )[ الحج : 11 ] ونحو ذلك .
وأما المؤمن فإنه في جميع أحواله يتوكل على الله ، ومنه يخاف ، وإن كان يصل ذلك إليه ويجري على يدي غيره فهو في الحقيقة من الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.