تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدۡ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ فَأَمۡكَنَ مِنۡهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (71)

وقوله تعالى : ( وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم ) يحتمل أن تكون الآية صلة ما سبق من الآيات ، وهو وقوله : ( الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة )الآية[ الأنفال : 56 ] وقوله : ( وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله )الآية[ الأنفال : 62 ] وغير ذلك ( وإما تخافن من قوم خيانة )[ الأنفال : 58 ] ونحوه . فقال : ( وإن يريدوا خيانتك ) في نقض العهد وغير ذلك من الأمانات ( فقد خانوا الله من قبل ) في ما عاهدوا[ في الأصل وم : عهدوا ] أن يوفوا ذلك بقولهم[ في الأصل وم : قولهم ] : ( لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين )[ يونس : 22 ] كقوله : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين )[ التوبة : 75 ] فقد آتاهم الله ذلك ، فلم يوفوا ما عاهدوا وغير ذلك من العهود التي عاهدوا[ في الأصل وم : عهدوا ] والأمانات التي ائتمنوا فيها ، فخانوا الله في ذلك ، أو ما عهد /205-ب/ فيهم في أمر محمد وإظهار بعثه[ في الأصل وم : نعته ] وصفته في كتبهم فكتموا ذلك ، وحرفوه ، وأظهروا بعثه[ في الأصل وم : نعته ] وصفته فذلك منهم خيانة فيقول : إنهم قد ( خانوا الله من قبل فأمكن منهم ) فإذا خانوك يمكنك منهم أيضا .

وقوله تعالى : ( فأمكن منهم ) أي انتقم منهم جزاء خيانتهم . وقال : أمكنك حتى انتقمت منهم .

وقوله تعالى : ( وإن يريدوا خيانتك ) ليس على الإرادة ، ولكن على وقوع فعل الخيانة ؛ كأنه قال : وإن خانوك ( فقد خانوا الله من قبل ) لكنه ذكر الإرادة لما هي صفة كل فاعل مختار لما لا تكون الأفعال إلا بإرادة .

وقوله تعالى : ( والله عليم ) بما يسرون ، ويضمرون من الخيانة ونقض العهود ( حكيم ) في أمره حكمه حين[ في الأصل وم : حيث ] أمكنك منهم .

وقال بعضهم في قوله : ( وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل ) أي خانوك بعد إسلامهم بالكفر ( فقد خانوا الله من قبل ) فقد كفروا بالله قبل هذا ؛ يقول : إن خانوك أمكنك منهم ، فقتلتهم ، وأسرتهم ، كما فعلت بهم ببدر ( والله عليم ) بخلقه ( حكيم ) في أمره .