وقوله تعالى : ( والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا معكم ) أي من آمن بعد هؤلاء ، وهاجروا بعد مهاجرة أولئك ، فإنهم يلحقون أوائلهم في جميع ما ذكر في قوله{[9382]} : ( إن الذين آمنوا وهاجروا ) ( الأنفال : 72 ، و74 ، و75 ) . من قبل ، يذكر هذا ، والله أعلم ، لنعمل نحن على ما عمل أولئك من الهجرة والنصرة وبذل الأنفس والأموال وغير ذلك للدين على ما بذل أولئك ، وأشفقوا على دينهم .
وقوله تعالى : ( فأولئك منكم ، وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) هو ما ذكرنا أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض بالتركة والتوارث من جملة المؤمنين . فإذا لم يكن أولوا الأرحام فجملة المؤمنين أولى .
وعلى ذلك يُخرَّجُ قولُ أصحابنا : إن أولي الأرحام بالميراث أولى من جملة المؤمنين ، مِنْ{[9383]} بيت المال . فما دام واحد من هؤلاء فهو أولى بالميراث . وعلى ذلك يُخرَّجُ قولهم في العقل أنه على ذوي الأرحام ما داموا هم . فإذا لم يكن أحد منهم فهو على جملة المؤمنين في بيت المال .
وقوله تعالى : ( إن الله بكل شيء عليم ) بالعباد ، وما يكون منهم و( بكل شيء عليم ) بما يحتاجون ، وما لا يحتاجون ؛ وهو حرف وعيد ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ) أي بعضهم أولى ببعض في حق التوارث من المؤمنين الذين هاجروا ، فنَسَخَت{[9384]} هذه الآية حكم الميراث الذي ذكر في قوله : ( والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء ) لأنه كان جعل التوارث بينهم بحق الإيمان والهجرة . ثم نسخ ذلك ، وجعل الميراث بالرّحم حين{[9385]} قال : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) وكذلك ما ذكر في سورة الأحزاب حين{[9386]} قال : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ) ( الآية 6 ) . فإذا لم يبق من الرحم أحد فبعد ذلك يكون جملة المؤمنين .
وقوله تعالى : ( في كتاب الله ) في حكم الله ، أو ( في كتاب الله ) لأنه ذكر في كتاب الله .
ثم لزوم الهجرة على الذين هاجروا مع رسول الله وعلى الذين تأخرت هجرتهم سواء ، قد سوّى بينهم في اللزوم ، وجمع بين المهاجرين والأنصار في حق الشهادة لهم بالتصديق والإيمان حين{[9387]} قال : ( هم المؤمنون حقا ) ( الأنفال 74 ) وجمع بينهم في حق الولاية وما يكتسب بها من المنافع حين{[9388]} قال : ( أولئك بعضهم أولياء بعض ) ( الأنفال 72 ) وجمع بينهم في الثواب والدرجة حين{[9389]} قال : ( لهم مغفرة ورزق كريم ) ( الأنفال 74 ) وجمع بينهم في هذه الخصال ، وإن قَدَّم ذكر المهاجرين في غير واحدة{[9390]} من الآيات لما كانوا مستوين في الأسباب التي استوجبت{[9391]} ذلك ؛ لأن من المهاجرين تَرْكَ الأوطان والمنازل والخروجَ منها والمفارقةَ عن أهليهم وأموالهم ، وكان من الأنصار مقابل ذلك إنزالهم في منازلهم وأوطانهم وبذل أموالهم وقيام أهليهم في خدمتهم ، لذلك كان ما ذكر ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.