تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فِيٓ أَيِّ صُورَةٖ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ} (8)

الآية 8 : وقوله تعالى : { في أي صورة ما شاء ركبك } منهم من جعل : ما{[23240]} : ههنا بمعنى الذي . ثم قوله : { شاء ركبك } يحتمل أن يكون هذا عبارة عما تقدم من الأوقات ، وهو أنه قد شاء تركيبك على الصورة [ التي ]{[23241]} أنت عليها لا على صورة البهائم وغيرها ، فيكون في ذكره تذكير المنن والنعم ليستأدي منه الشكر .

ووجه التذكير أنه أنشأه على صورة ، يتمناها ، ولا يتمنى أن يكون بغير هذه الصورة من الجواهر ، وأنشأه على صورة يعرف [ بها ]{[23242]} المحاسن والمساوئ ، ويعرف الحكمة والسفه ، ويميز بينهما ، ويميز بين المضار والمنافع ، وأنشأه على صورة سخر له بها ]{[23243]} السماوات والأرضين والأنعام كما قال الله تعالى : { سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض } الآية [ لقمان : 20 ] وقال عز وجل : { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر } الآية [ الإسراء : 70 ] ولم يسخره لغيره . فثبت أن فيه تذكير النعم ليشكروه ويقوموا بحمده .

وجائز أن يكون هذا على الاستئناف في أن تركيبه على ما هو عليه ، أي على صورة شاء من الصور التي يستقذرها ؛ ويمسخه قردا وخنزيرا لمكان ما يتعاطى من المعاصي ، فيكون في ذكره تذكير القدرة والقوة ليراقب الله تعالى ، ويهابه ، فيترك معاصيه ، ويسارع إلى طاعته .


[23240]:في الأصل وم: ألما.
[23241]:من م، ساقطة من الأصل.
[23242]:ساقطة من الأصل وم.
[23243]:ساقطة من الأصل وم.