تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَكِيدُ كَيۡدٗا} (16)

الآيتان 15 و16 : وقوله تعالى : { إنهم يكيدون كيدا } { وأكيد كيدا } يحتمل وجهين :

أحدهما : أي أجزيهم جزاء كيدهم ، فسمى الجزاء باسم ماله الجزاء ، وإن لم يكن ذلك كيدا ، كما سمى [ جزاء السيئة ]{[23483]} سيئة مثلها ، وإن لم يكن الجزاء سيئة وكما سمى جزاء الاعتداء ، وإن لم يكن الجزاء اعتداء بقوله : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } [ البقرة : 194 ] وقوله{[23484]} : { نسوا الله فنسيهم } [ التوبة : 67 ] أي جزاهم جزاء النسيان ، أو جعلهم كالشيء المنسي الذي لا يعبأ به ، لا أن يكون في الحقيقة نسيان . فكذا سمى جزاء الكيد كيدا لا أن يكون الجزاء كيدا .

[ الثاني : ]{[23485]} أن الكيد في [ الحقيقة المكر ، وهو ]{[23486]} أن يأخذه من وجه أمنه ، فيلحق الكائد اسم الذم لأنه أخذه من وجه ، لم يشعر به . وهذا المعنى في الكيد الذي أضيف إلى الله تعالى [ غير موجود لأن الله تعالى ]{[23487]} قد بين له الطريق الذي إذا سلكه وقع [ بما ]{[23488]} أريد الأمن من الطريق الذي إذا سلكه حل/637 – أ/به البوار والهلاك . فإذا سلك هذا الطريق كان سلوكه عن عناد منه أو عن ترك الإنصاف من نفسه ، فوجد ما يكره من الكيد لا من المكايد ، فلم يلحقه بذلك الوصف المعنى المكروه .

ثم كيدهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين [ ما ذكر ]{[23489]} في آية أخرى ، وهو قوله تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله } [ الأنفال : 30 ] .


[23483]:في الأصل وم: الجزاء للسيئة.
[23484]:في الأصل وم: قال.
[23485]:في الأصل وم: ووجه آخر.
[23486]:في الأصل وم: الحقيقة المكر هو.
[23487]:من م، ساقطة من الأصل.
[23488]:ساقطة من الأصل وم.
[23489]:من م ، ساقطة من الأصل.