تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ أَعۡظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (20)

وقوله تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) قوله : ( آمنوا ) أي صدقوا رسول الله في جميع ما يخبر عن الله أنه صادق ، وفي جميع ما دعاهم[ في الأصل وم : دعا ] إليه ، وأمرهم به ، ونهاهم عنه أنه محق . وإلا كانوا مؤمنين بالله لقولهم[ في الأصل وم : كقولهم ] : ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )[ الزمر : 3 ] وقولهم : ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله )[ يونس : 18 ] كانوا مؤمنين بالله ، لكنهم يكذبون للرسل ولرسالتهم .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وهاجروا ) أي فارقوا آباءهم وإخوانهم وعشيرتهم وأموالهم ومنازلهم وبلدهم ؛ هاجروا ، [ وتركوا ][ ساقطة من الأصل وم ] جميع ما تحبه أنفسهم ، وتهواه ، وتميل إليه القلوب ، ما ذكر في الآية التي تلي[ في الأصل وم : تتلو ] هذه الآية[ الآية المقصودة/24 ] .

وفارقوا ذلك الكل إشفاقا على دينهم ليسلم ما لو أعطوا قبل الإسلام الدنيا ، وما فيها ، إذ وعدوا بكل وعيد وخوف ، ما فارقوا آباءهم وإخوانهم وعشائرهم وأولادهم الذين ذكر في الآية .

ثم إذا أسلموا فارقوهم ، وأجابوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ابتغاء مرضاة الله وطلبا لرضوانه ليعلم عظم قدر الدين في قلوبهم وخطير منزلته عندهم ، وليعلم[ الواو ساقطة من الأصل وم ] أن محن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم وأشد من محننا ؛ لأن محنهم كانت على خلاف عادتهم وخلاف ما طبعوا ؛ لأن الإنسان على حب ما ذكرنا مجبول عليه ، فهم مع ذلك تركوا ، وفارقوا ذلك ، وتحملوا كراهة ذلك ابتغاء مرضاة ربهم .

وأما محننا فإنها على [ ما ][ ساقطة من الأصل وم ] سبق من العادة ، فهو أهون وأيسر .

وقوله تعالى : ( وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ) أي بذلوا لله ألذ الأشياء وأحبها من[ في الأصل وم : بين ] الأموال والأنفس .

وقوله تعالى : ( أعظم درجة عند الله ) قال بعض أهل التأويل : من صدق بتوحيد الله ، وهاجر إلى المدينة ، وجاهد العدو [ بأمواله ونفسه ][ في الأصل وم : بأموالهم وأنفسهم ] ( أعظم درجة عند الله ) من الذي افتخر بعمران البيت وسقاية الحاج ، وهم كفار [ ولذلك قال ][ في الأصل وم : وكذلك قالوا ] : ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ( لا يستوون عند الله ) ولكن الوجه في ذلك عندنا ومعنى المقابلة أولئك [ الذين ][ من م ، ساقطة من الأصل ] ذكر أعظم درجة عند الله من الذين أسلموا ، ونخعوا[ من م ، في الأصل : ويحقوا ] .

وقوله تعالى : ( أولئك هم الفائزون ) الفوز هو الظفر في اللغة ؛ أي أولئك هم الفائزون[ في الأصل وم : الكافرون ] بنعيم اله وكرامته ، والناجون من عذاب الله ونقمته .