تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَيۡفَ يَكُونُ لِلۡمُشۡرِكِينَ عَهۡدٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِۦٓ إِلَّا ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ فَمَا ٱسۡتَقَٰمُواْ لَكُمۡ فَٱسۡتَقِيمُواْ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} (7)

ثم قوله عز وجل : ( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ ) هو ، والله أعلم ، أن كيف يستحقون العهد ؟ وكيف يعطى لهم العهد ، وقد نقضوا العهود التي بينهم وبين ربهم والعهود التي بينهم وبين رسول الله .

فأما العهود التي بينهم وبين ربهم فهي[ في الأصل وم : هو ] عهد الخلقة ؛ إذ في خلقة كل أحد الشهادة على وحدانية الله وألوهيته ، والشهادة على الرسالة ، وما عهد إليهم في كتبهم من إظهار صفة محمد وبعثه[ في الأصل وم : ونعته ] للخلق ، فنقضوا ذلك كله ، ونقضوا العهود التي بينهم وبين رسول الله ، ولم يحفظوها .

يقول ، والله أعلم ، كيف يستحقون أن يعطى العهد لهم ، وقد نقضوا العهد الذي عهد الله إليهم والعهود التي أعطاهم رسول الله ، لا يستحقون ذلك . إلا أن الله عز وجل بفضله وإحسانه أذن أن تعطى لهم العهود ، ( فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ) أي أوفوا لهم العهد إذا وفوا لكم ، وإن انقضت المدة . يقول ، والله أعلم ، إذا استقاموا لكم في وفاء العهد ( فاستقيموا لهم ) في وقاية العهد .

وقوله تعالى : ( إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) استثنى الذين عاهدوا عند المسجد الحرام . يحتمل ألا يعطى العهد ( إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) ويحتمل قوله ( إلا الذين عاهدتم ) كذا فإنهم إن أوفوا لكم [ فأوفوا لهم ][ في الأصل : فأوفوا ، ساقطة من م ] ( إن الله يحب المتقين ) إن الله يحب من اتقى الشرك ، واتقى من جور وظلم ، والله أعلم .