تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞أَجَعَلۡتُمۡ سِقَايَةَ ٱلۡحَآجِّ وَعِمَارَةَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ كَمَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَجَٰهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ لَا يَسۡتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (19)

وقوله تعالى : ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) في الآية إضمار فعل أو فاعل لكي تصح المقابلة ؛ لأنه يقابل فعل بفعل أو فاعل بفاعل ولا فاعل بفعل . فههنا ذكر السقاية وعمارة المسجد مقابل ( كمن آمن بالله ) . فهو ، والله أعلم ، ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ) كإيمان من ( آمن بالله واليوم الآخر ) . أو يقال : أجعلتم القائم بإصلاح سقاية الحاج وعامر المسجد الحرام كمن آمن بالله لتكون مقابلة شخص بشخص ، أو فعل بفعل .

ثم لا يصح أن يجمع بين الكافر و المؤمن ، فيقال : لا يستويان عند الله /209-ب/ وإن كان الكافر قد أتى بالمحاسن ، إلا أن يقال : ليس من فعل محاسن في حال كفره ، ثم آمن من بعده كمن فعل محاسن ، وهو مؤمن . هذا يجوز أن يجمع ، فيقال : ( لا يستوون عند الله ) .

وأما الكافر الذي مات على الكفر ، وإن عمل خيرات ، والمؤمن الذي عمل الصالحات ، فمات على ذلك ، فيجمع ؟ فيقال : لا يستويان ، فلا .

أو أن يقال بالجهاد الذي ذكر : لا يستوي من بذل نفسه للقتل والتلف كمن سقى الحاج ، وعمر المسجد الحرام ، ولم يبذل نفسه لذلك .

فأما أن يقال : لا يستوي الكافر والمؤمن فذلك غير محصل ؛ لأنه إنما يقابل الشيء إذا قرب بعضه من بعض . وأما عند البعد منه فلا يقال ، ولا يقابل .

وقوله تعالى : ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) ما داموا في ظلمهم ، وما داموا اختاروا الظلم لا يهديهم وقت اختيارهم الظلم . أو لقوم مخصوصين ، وقد ذكرنا معناه في غير موضع .