النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞وَقَالَ نِسۡوَةٞ فِي ٱلۡمَدِينَةِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ تُرَٰوِدُ فَتَىٰهَا عَن نَّفۡسِهِۦۖ قَدۡ شَغَفَهَا حُبًّاۖ إِنَّا لَنَرَىٰهَا فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (30)

قوله تعالى : { وقال نسوة في المدينة } قال جويبر : كن أربعاً : امرأة الحاجب وامرأة الساقي وامرأة الخباز وامرأة القهرمان . قال مقاتل : وامرأة صاحب السجن وفي هذه المدينة قولان :

أحدهما : مصر .

الثاني : عين شمس . { امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه } قلن ذلك ذماً لها وطعناً فيها وتحقيقاً لبراءة يوسف وإنكاراً لذنبه .

والعزيز اسم الملك مأخوذ من عزته ، ومنه قول أبى داؤد :

درة غاص عليها تاجر *** جلبت عند عزيز يوم طل

{ قد شغفها حبّاً } أي قد دخل حبه من شغاف قلبها . وفي شغاف القلب خمسة أقاويل :

أحدها : أنه حجاب القلب ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنه غلاف القلب وهو جلدة رقيقة بيضاء تكون على القلب وربما سميت لباس القلب ، قاله السدي وسفيان .

الثالث : أنه باطن القلب ، قاله الحسن ، وقيل هو حبة القلب .

الرابع : أنه ما يكون في الجوف ، قاله الأصمعي .

الخامس : هو الذعر والفزع الحادث عن شدة الحب ، قاله إبراهيم .

وقد قرىء في الشواذ عن ابن محيصن : قد شعفها حباً ( بالعين غير معجمة ) واختلف في الفرق بينهما على قولين :

أحدهما : أن الشغف بالغين معجمة هو الجنون وبالعين غير معجمة هو الحب ، قاله الشعبي .

والثاني : أن الشغف بالإعجام الحب القاتل ، والشعف بغير إعجام دونه ، قاله ابن عباس وقال أبو ذؤيب :

فلا وجْدَ إلا دُون وجْدٍ وجَدته *** أصاب شغافَ القلب والقلبُ يشغف

{ إنا لنراها في ضلال مبين } فيه وجهان : أحدهما : في ضلال عن الرشد وعدول عن الحق .

الثاني : معناه في محبة شديدة . ولما اقترن شدة حبها بالشهوة طلبت دفع الضرر عن نفسها بالكذب عليه ، ولو خلص[ حبها ] من الشهوة طلبت دفع الضرر عنه بالصدق على نفسها .