النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَرَبُّكَ ٱلۡغَفُورُ ذُو ٱلرَّحۡمَةِۖ لَوۡ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلۡعَذَابَۚ بَل لَّهُم مَّوۡعِدٞ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِۦ مَوۡئِلٗا} (58)

قوله عز وجل : { وربُّكَ الغفور } يعني للذنوب وهذا يختص به أهل الإيمان دون الكفرة .

{ ذو الرّحمة . . . } فيها أربعة أوجه :

أحدها : ذو العفو .

الثاني : ذو الثواب ، وهو على هذين الوجهين مختص بأهل الإيمان دون الكفرة .

الثالث : ذو النعمة .

الرابع : ذو الهدى ، وهو على هذين الوجهين يعم أهل الإيمان وأهل الكفر لأنه ينعم في الدنيا على الكافر كإنعامه على المؤمن ، وقد أوضح هذه للكافر كما أوضحه للمؤمن ، وإن اهتدى به المؤمن دون الكافر .

{ بل لهم موعدٌ } فيه وجهان :

أحدهما : أجل مقدر يؤخرون إليه .

الثاني : جزاء واجب يحاسبون عليه .

{ لن يجدوا مِن دونه مَوْئلاً } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : ملجأ ، قاله ابن عباس وابن زيد .

الثاني : محرزاً ، قاله مجاهد .

الثالث : ولياً ، قاله قتادة .

الرابع : منجى ، قاله أبو عبيدة . قال والعرب تقول : لا وألَت نفسه ، أي لا نجت ، ومنه قول الشاعر :

لا وألت نفسك خلّيْتها *** للعامريّين ولم تُكْلَمِ

أحدهما : أهلكناهم بالعذاب لما ظلموا بالكفر .

الثاني : أهلكناهم بأن وكلناهم إلى سوء تدبيرهم لما ظلموا بترك الشكر .