فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَرَبُّكَ ٱلۡغَفُورُ ذُو ٱلرَّحۡمَةِۖ لَوۡ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلۡعَذَابَۚ بَل لَّهُم مَّوۡعِدٞ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِۦ مَوۡئِلٗا} (58)

{ وَرَبُّكَ الغفور ذُو الرحمة } أي : كثير المغفرة ، وصاحب الرحمة التي وسعت كل شيء فلم يعاجلهم بالعقوبة ، ولهذا قال : { لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا } أي : بسبب ما كسبوه من المعاصي التي من جملتها الكفر والمجادلة والإعراض { لَعَجَّلَ لَهُمُ العذاب } لاستحقاقهم لذلك { بَلِ } جعل { لَّهُم مَّوْعِدٌ } أي : أجل مقدّر لعذابهم ، قيل : هو عذاب الآخرة ، وقيل : يوم [ بدر ] { لن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } أي : ملجأً يلجئون إليه . وقال أبو عبيدة : منجاً ، وقيل : محيصاً ، ومنه قول الشاعر :

لا وألت نفسك خليتها *** للعامريين ولم تكلم

وقال الأعشى :

وقد أخالس ربّ البيت غفلته *** وقد يحاذر مني ثم ما يئل

أي ما ينجو .

/خ59