السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَرَبُّكَ ٱلۡغَفُورُ ذُو ٱلرَّحۡمَةِۖ لَوۡ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلۡعَذَابَۚ بَل لَّهُم مَّوۡعِدٞ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِۦ مَوۡئِلٗا} (58)

ثم قال تعالى : { وربك } مشيراً بهذا الاسم إلى ما اقتضاه حال الوصف من الإحسان { الغفور } أي : البليغ المغفرة الذي يستر الذنوب إمّا بمحوها وإما بالحلم عنها إلى وقت آخر { ذو الرحمة } أي : الموصوف بالرحمة الذي يعامل وهو قادر مع موجبات الغضب معاملة الراحم بالإكرام ، ثم استشهد تعالى على ذلك بقوله تعالى : { لو يؤاخذهم } أي : هؤلاء الذين عادوك وهو عالم أنهم لا يؤمنون أو يعاملهم معاملة المؤاخذة { بما كسبوا } من الذنوب { لعجل لهم العذاب } أي : في الدنيا { بل لهم موعد } وهو إمّا يوم القيامة وإمّا في الدنيا وهو يوم بدر وسائر أيام الفتح { لن يجدوا من دونه } أي : الموعد { موئلاً } أي : ملجأ ينجيهم منه فإذا جاء موعدهم أهلكناهم فيه بأوّل ظلمهم وآخره .