اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَرَبُّكَ ٱلۡغَفُورُ ذُو ٱلرَّحۡمَةِۖ لَوۡ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلۡعَذَابَۚ بَل لَّهُم مَّوۡعِدٞ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِۦ مَوۡئِلٗا} (58)

ثم قال : { وَرَبُّكَ الغفور ذُو الرحمة } .

" الغَفورُ " : البليغ المغفرة ، وهو إشارة إلى دفع المضارِّ { ذُو الرحمة } : الموصوف بالرحمة ، وإنَّما ذكر لفظ المبالغة في المغفرة ، لا في الرحمة ؛ لأنَّ [ المغفرة ]{[21177]} ترك [ الإضرار ] {[21178]} .

قوله : { بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ } : يجوز في " المَوعِد " أن يكون مصدراً أو زماناً أو مكاناً .

والمَوئِلُ : المرجعُ ، من وأل يَئِلُ ، أي : رجع ، وهو من التأويل ، وقال الفراء{[21179]} : " المَوْئِلُ : المنجى ، وألَتْ نفسه ، أي : نَجَتْ " قال الأعشى : [ البسيط ]

وقَدْ أخَالِسُ ربَّ البيتِ غَفْلتهُ *** وقَدْ يُحَاذِرُ منِّي ثمَّ ما يَئِلُ{[21180]}

أي : ما ينجو ، وقال ابن قتيبة : " المَوْئِلُ : الملجأ " . يقال : وأل فلانٌ إلى فلانٍ يئلُ وألاً ، وَوُءُولاً ، إذا لجأ إليه ، وهو هنا مصدر .

و " مِنء دُونهِ " متعلق بالوجدان ؛ لأنه متعدٍّ لواحدٍ ، أو بمحذوف على أنه حال من " مَوْئِلاً " .

وقرأ أبو جعفر{[21181]} " مَوِلاً " بواو مكسورة فقط ، والزهري : بواو مشددة فقط ، والأولى أقيس تخفيفاً .


[21177]:في أ: الرحمة.
[21178]:في ب: المضار.
[21179]:ينظر: معاني القرآن للفراء 2/148.
[21180]:البيت في ديوانه 95، شرح القصائد العشر 493، مجاز القرآن 1/408 ، الطبري 15/175 البحر المحيط 6/126، روح المعاني 15/306، الدر المصون 4/466.
[21181]:ينظر في قراءتها: الإتحاف 2/218، والبحر 6/133، والدر المصون 4/467.