النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَتَرَى ٱلۡجِبَالَ تَحۡسَبُهَا جَامِدَةٗ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِۚ صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ إِنَّهُۥ خَبِيرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ} (88)

قوله { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } أي واقفة .

{ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } أي لا يرى سيرها لبعد أطرافها كما لا يرى سير السحاب إذا انبسط لبعد أطرافه وهذا مثل . وفيم ضرب له ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه مثل ضربه الله تعالى للدنيا يظن الناظر إليها أنها واقفة كالجبال وهي آخذة بحظها من الزوال كالسحاب ، قاله سهل بن عبد الله .

الثاني : أنه مثل ضربه الله للإيمان ، تحسبه ثابتاً في القلب وعمله صاعد إلى السماء .

الثالث : أنه مثل للنفس عند خروج الروح والروح تسير إلى القدس .

{ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } أي فعل الله الذي أتقن كل شيء . وفيه أربعة أوجه :

أحدها : أحكم كل شيء ، قاله ابن عباس .

الثاني : أحصى ، قاله مجاهد .

الثالث : أحسن ، قاله السدي .

الرابع : أوثق ، واختلف فيها فقال الضحاك : هي كلمة سريانية ، وقال غيره : هي عربية مأخوذ من إتقان الشيء إذا أحكم وأوثق ، وأصلها من التقن وهو ما ثقل في الحوض من طينه .