التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَتَرَى ٱلۡجِبَالَ تَحۡسَبُهَا جَامِدَةٗ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِۚ صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ إِنَّهُۥ خَبِيرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ} (88)

قوله : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } أي ترى الجبال يا محمد ، تحسب أنها قائمة ساكنة وهي تسير سيرا حثيثا ، أي مسرعا . وهكذا كل ناظر للجبال ، فإنه يراها ثابتة لا تتحرك ، وهي في حقيقتها تسير كما يسير السحاب ، إذ تسوقه الرياح . وقيل : وهذا كائن يوم القيامة ، تسير الجبال سيرا . وإذا رآها الناظرون حسبوا أنها مستقرة ثابتة ؛ لأن الأجسام الكبيرة إذا تحركت حركة سريعة وكانت على سمت ، واحد وكيفية واحدة ظن من يراها أنها واقفة . مع أنها تمر مرا حثيثا .

قوله : { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } { صُنْعَ } ، منصوب على المصدر المؤكد وتقديره : صنع صنعا{[3468]} وأتقن من الإتقان وهو الإحكام .

والمعنى : أن ما سبق ذكره من النفخ في الصور وما يعقب ذلك من إفزاع للخلائق ، ومن مرور الجبال كما يمر السحاب ، وهي يحسبها الرائي قائمة ثابتة .

كل ذلك صنع الله الذي أحكم كل شيء وأوثق خلقه .

قوله : { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } الله يعلم ما يفعله العباد من خير أو شر ومن طاعة أو معصية فيجازي كل امرئ بما عمل .


[3468]:البيان لابن الأنباري جـ2 ص 228.