مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَتَرَى ٱلۡجِبَالَ تَحۡسَبُهَا جَامِدَةٗ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِۚ صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ إِنَّهُۥ خَبِيرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ} (88)

{ وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا } بفتح السين : شامي وحمزة ويزيد وعاصم ، وبكسرها : غيرهم حال من المخاطب { جَامِدَةً } واقفة ممسكة عن الحركة من جمد في مكانه إذا لم يبرح { وَهِىَ تَمُرُّ } حال من الضمير المنصوب في { تحسبها } { مَرَّ السحاب } أي مثل مر السحاب والمعنى أنك إذا رأيت الجبال وقت النفخة ظننتها ثابتة في مكان واحد لعظمها وهي تسير سيراً سريعاً كالسحاب إذا ضربته الريح ، وهكذا الأجرام العظام المتكاثرة العدد إذا تحركت لا تكاد تبين حركتها كما قال النابغة في صفة جيش

بأرعن مثل الطود تحسب أنهم . . . وقوف الحاج والركاب تهملج

{ صُنْعَ الله } مصدر عمل فيه ما دل عليه { تمر } لأن مرورها كمر السحاب من صنع الله فكأنه قيل : صنع الله ذلك صنعاً وذكر اسم الله لأنه لم يذكر قبل { الذى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء } أي أحكم خلقه { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } { يفعلون } مكي وبصري غير سهل وأبو بكر غير يحي ، وغيرهم بالتاء أي أنه عالم بما يفعل العباد فيكافئهم على حسب ذلك .