الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَتَرَى ٱلۡجِبَالَ تَحۡسَبُهَا جَامِدَةٗ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِۚ صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ إِنَّهُۥ خَبِيرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ} (88)

قوله تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ } يا محمّد { تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } قائمة واقفة مستقرّة مكانها . { وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } حين تقع على الأرض فتستوي بها .

قال القتيبي : وذلك أنّ الجبال تجمع وتسير وهي في رؤية العين كالواقفة وهي تسير ، وكذلك كلّ شيء عظيم وكلّ جمع كثير يقصر عنه البصر لكثرته وعظمته ويُعْد ما بين أطرافه فهو في حسبان الناظر واقف وهو يسير ، وإلى هذا ذهب الشاعر في وصف جيش :

يأرعن مثل الطود تحسب أنّهم *** وقوف لحاج والركاب تهملج

{ صُنْعَ اللَّهِ } نُصب على المصدر وقيل : على الإغراء أي اعلموا وابصروا { الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } أي أحكم ( كلّ شيء ، قتادة ) : أحسن . { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } قرأ أهل الكوفة { تَفْعَلُونَ } بالتاء . غيرهم بالياء ، واختار أبو عبيدة بقوله : { أَتَوْهُ } إنّما هو خبر عنهم