النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡ وَٱخۡشَوۡاْ يَوۡمٗا لَّا يَجۡزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوۡلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (33)

قوله تعالى : { يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم وَاخْشُوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : معناه لا يغني والد عن ولده يقال جزيت عنك بمعنى أغنيت عنك ، قاله ابن عيسى .

الثاني : لا يقضي والد عن ولده ، قاله المفضل وابن كامل .

الثالث : لا يحمل والد عن ولده ، قال الراعي :

وأجزأت أمر العالمين ولم يكن *** ليجزي إلا كاملٌ وابن كامل

أي حملت .

{ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حقٌّ } يعني البعث والجزاء .

{ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ الحَيَاةُ الدُّنْيَا } يحتمل وجهين :

أحدهما : لا يغرنكم الإمهال عن الانتقام .

الثاني : لا يغرنكم المال عن الإسلام .

{ وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ } وهي تقرأ على وجهين :

أحدهما : بالضم .

الثاني : بالفتح وهي قراءة الجمهور .

ففي تأويلها بالضم وجهان :

أحدهما : غرور الدنيا بخدعها الباطلة ، قاله الكلبي .

الثاني : غرور النفس بشهواتها الموبقة وهو محتمل .

وفي تأويلها بالفتح وجهان :

أحدهما : أن الغُرور الشيطان ، قاله مجاهد .

الثاني : الأمل وهو تمني المغفرة في عمل المعصية ، قاله ابن جبير .

ويحتمل ثالثاً : أن تخفي على الله ما أسررت من المعاصي .