النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوۡجٞ كَٱلظُّلَلِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ فَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَّا كُلُّ خَتَّارٖ كَفُورٖ} (32)

قوله تعالى : { وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ } فيه وجهان :

أحدهما : كالسحاب ، قاله قتادة .

الثاني : كالجبال ، قاله الحسن ويحيى بن سلام .

وفي تشبيهه بالظل وجهان :

أحدهما : لسواده ، قاله أبو عبيدة .

الثاني : لعظمه .

{ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } يعني موحدين له لا يدعون لخلاصهم سواه .

{ فَلَمَّا نَجَّاهُم إِلَى الْبَرِّ } يعني من البحر .

{ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : معناه عَدل في العهد ، يفي في البر بما عاهَد الله عليه في البحر ، قاله النقاش .

الثاني : أنه المؤمن المتمسك بالتوحيد والطاعة ، قاله الحسن .

الثالث : أنه المقتصد في قوله وهو كافر ، قاله مجاهد .

{ وَمَا يَجْحَدُ بآيَاتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ } فيه وجهان :

أحدهما : أنه الجاحد ، قاله عطية .

الثاني : وهو قول الجمهور أنه الغدار ، قال عمرو بن معدي كرب :

فإنك لو رأيت أبا عمير *** ملأت يديك من غدرٍ وختر

وجحد الآيات إنكار أعيانها ، والجحد بالآيات دلائلها .