النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنۡ ءَايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (31)

قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ } يحتمل وجهين :

أحدهما : برحمة الله لكم في خلاصكم منه .

الثاني : بنعمة الله عليكم في فائدتكم منه .

{ لِيُرِيَكُم مِّنَ آيَاتِهِ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : يعني جري السفن فيه ، قاله يحيى بن سلام ، وقال الحسن : مفتاح البحار السفن ، ومفتاح الأرض الطرق ، ومفتاح السماء الدعاء .

الثاني : ما تشاهدونه من قدرة الله فيه ، قاله ابن شجرة .

الثالث : ما يرزقكم الله منه ، قاله النقاش .

{ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } فيه وجهان :

أحدهما : صبَّار على البلوى شكور على النعماء .

الثاني : صبَّار على الطاعة شكور على الجزاء .

قال الشعبي : الصبر نصف الإيمان ، والشكر نصف الإيمان ، واليقين الإيمان كله ، ألم تر إلى قوله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } وإلى قوله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُوقِنِينَ } .