وقوله تعالى : { يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ واخشوا يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ } [ لقمان : 33 ] .
يَجْزِي مَعْنَاه يَقْضي ، والمعنى : لا ينفعه بشيء ، وقرأ الجمهور : «الغَرور » : بفتح الغَيْنِ وهو الشيطانُ ، قاله مجاهد وغيره . واعلم أيها الأخ أنّ مَنْ فَهِمَ كَلامَ رَبِّه وَرُزِقَ التوفيقَ لم يَنْخَدِعْ بغُرورِ الدنيا وزخرفها الفاني بَل يَصْرِفُ هِمَّتَه بالكُلِّيَةِ إلى التزود لآخرته ، ساعياً في مَرْضَاةِ ربه ، وأنَّ مَنْ أيقنَ أنَّ اللّهَ يطلبُه صَدَقَ الطلبَ إليه ، كما قاله الإمام العارفُ باللّه ابن عطاء اللّه وأنه لا بد لبناءِ هذا الوجودِ أن تَنْهَدِمَ دعائمُه وأن تسلب كرائِمهُ ، فالعاقل من كان بما هو أبقى أفرح منه بما هو يفنى ، قد أشرق نورُه وظهرت تباشيرُه ، فَصَدَفَ عن هذه الدار مُغْضِياً ، وأعرض عَنها مولياً ، فلم يتخذْها وطناً ، ولا جعلها سكناً ، بل أنْهَضَ الهمَّةَ فيها إلى اللّهِ تعالى وَصَارَ فِيهَا مُسْتَعِيناً به في القدومِ عليه ، فما زالت مطيةُ عَزْمِهِ لا يَقِرُّ قرارُها . دائماً تَسْيَارُهَا ، إلى أن أناخَتْ بِحَضْرَةِ القُدَسِ ، وبساطِ الإنْسِ ، انتهى .
وَرَوَيْنَا في «جامع الترمذي » عن أبي أُمَامَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنَّ أَغْبَطَ أَوْلِيَائِي عِنْدِي لَمُؤْمِنٌ خَفِيفٌ الحَاذِ ذُو حَظٍّ مِنَ الصَّلاَةِ ، أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ ، وَأَطَاعَهُ فِي السِّرَّ ، وَكَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ لاَ يُشَارُ إلَيْهِ بِالأَصَابِعِ ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبَرَ على ذَلِكَ ، ثُمَّ نَفَضَ بِيَدِهِ فَقَالَ : عُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ ، قَلَّتْ نَوَائِحُهُ قَلَّ تراثه ) ، قال أبو عيسى : وبهذا الإسنادِ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ( عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْمَاءَ مَكَّةَ ذَهَباً ، قُلْتُ لاَ ، يَا رَبِّ ، ولكن أَشْبَعُ يَوْماً وَأَجُوعُ يَوْماً ، أَوْ قَالَ : ثَلاَثاً أَوْ نَحْوَ هذا ، فَإذَا جُعْتُ ، تَضَرَّعْتُ إلَيْكَ ، وَإذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ ) ، قال أبو عيسى : هذا حَديثٌ حسنٌ ، وفي الباب عن فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ انتهى .
والغُرُورُ : التَّطْمِيعُ بما لا يَحْصُلُ ، وقال ابن جُبَيْرٍ : معنى الآية : أن تَعملَ المعصيةَ وتَتَمَنَّى المغفرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.