النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعۡدَهُۥ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَيۡثُ نَشَآءُۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (74)

{ وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده } وعده في الدنيا بما نزل به القرآن ، وفيه وجهان :

أحدهما : أنه وعده بالجنة في الآخرة ثواباً على الإيمان .

الثاني : أنه وعده في الدنيا بظهور دينه على الأديان ، وفي الآخرة بالجزاء على الإيمان .

{ وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاءُ } وفي هذه الأرض قولان :

أحدهما : أرض الجنة ، قاله أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وأكثر المفسرين .

الثاني : أرض الدنيا . فإن قيل إنها أرض الجنة ففي تسميتها ميراثاً وجهان :

أحدهما : لأنها صارت إليهم في آخر الأمر كالميراث .

الثاني :لأنهم ورثوها من أهل النار ، وتكون هذه الأرض من جملة الجزاء والثواب ، والجنة في أرضها كالبلاد{[2387]} في أرض الدنيا لوقوع التشابه بينهما{[2388]} قضاء بالشاهد على الغائب .

{ نتبوأ من الجنة حيث نشاء } يعني< منازلهم التي جوزوا بها ، لأنهم مصروفون عن إرادة غيرها .

وفي تأويل قوله { حيث نشاء } وجهان :

أحدهما : حيث نشاء من منزلة وعلو .

الثاني : حيث نشاء>{[2389]} من منازل ومنازه ، فإن قيل إنها أرض الدنيا فهي من النعم دون الجزاء .

ويحتمل تأويله وجهين :

أحدهما : أورثنا الأرض بجهادنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء بثوابنا .

الثاني : وأورثنا الأرض بطاعة أهلها لنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء بطاعتنا له لأنهم أطاعوا فأطيعوا .

{ فنعم أجر العاملين } يحتمل وجهين :

أحدهما : فنعم أجر العاملين في الدنيا الجنة في الآخرة .

الثاني : فنعم أجر من أطاع أن يطاع .


[2387]:في ع والبلاد.
[2388]:في ع بينهما قضي بالشاهد.
[2389]:ساقط من ع.