فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعۡدَهُۥ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَيۡثُ نَشَآءُۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (74)

{ وَقَالُوا } أي فعند ذلك قال أهل الجنة { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } بالبعث والثواب بالجنة في قوله : { تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا } { وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ } أي أرض الجنة قاله قتادة وأبو العالية ، كأنها صارت من غيرهم إليهم ، فملكوها وتصرفوا فيها تصرف الوارث فيما يرثه ، ففي الكلام تجوز . وقيل : إنهم ورثوا الأرض التي كانت لأهل النار لو كانوا مؤمنين ، قاله أكثر المفسرين ، وقيل : إنها أرض الدنيا وفي الكلام تقديم وتأخير .

{ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ } أي نتخذ فيها من المنازل ما نشاء حيث نشاء فلا يختار أحد مكان غيره ، وقيل : يتخير كل واحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأين ينزل تكرمة له ، وإن كان لا يختار إلا ما قسم له ، وأما بقية الأمم فيدخلون بعد أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فينزلون فيما فضل عنهم ، وفي الكرخي الجنة نوعان : الجنات الجسمانية ، وهي لا تحتمل المشاركة ، والجنات الروحانية ، وحصولها لواحد لا يمنع من حصولها لآخرين { فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } في الدنيا أي الجنة وهذا من تمام قول أهل الجنة ، وقيل هو من قول الله سبحانه .