النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَسۡـَٔلُكَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيۡهِمۡ كِتَٰبٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ فَقَدۡ سَأَلُواْ مُوسَىٰٓ أَكۡبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ بِظُلۡمِهِمۡۚ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَعَفَوۡنَا عَن ذَٰلِكَۚ وَءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا} (153)

قوله تعالى : { يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً من السَّمَاءِ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن اليهود سألوا محمداً صلى الله عليه وسلم ، أن ينزل عليهم كتاباً من السماء مكتوباً ، كما نزل على موسى الألواح ، والتوراة مكتوبة من السماء ، وهذا قول السدي ، ومحمد بن كعب .

والثاني : أنهم سألوه نزول ذلك عليهم خاصة ، تحكماً في طلب الآيات ، وهذا قول الحسن ، وقتادة .

والثالث : أنهم سألوه أن ينزل على طائفة من رؤسائهم كتاباً من السماء بتصديقه ، وهذا قول ابن جريج .

{ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً } يحتمل وجهين :

أحدهما : أن الله تعالى بين بذلك أن سؤالهم للإعْنَاتِ لا للاستبصار كما أنهم سألوا موسى أن يريهم الله جهرة ، ثم كفروا بعبادة العجل .

والثاني : أنه بيَّن بذلك أنهم سألوا ما ليس لهم ، كما أنهم سألوا موسى من ذلك ما ليس لهم .

{ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً } فيه قولان :

أحدهما : أنهم سألوه رؤيته جهرة ، أي معاينة .

والثاني : أنهم قالوا : جهرة من القول أرنا الله ، فيكون على التقديم والتأخير ، وهذا قول ابن عباس .

{ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ } فيه قولان :

أحدهما : بظلمهم لأنفسهم .

والثاني : بظلمهم في سؤالهم .