لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{يَسۡـَٔلُكَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيۡهِمۡ كِتَٰبٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ فَقَدۡ سَأَلُواْ مُوسَىٰٓ أَكۡبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ بِظُلۡمِهِمۡۚ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَعَفَوۡنَا عَن ذَٰلِكَۚ وَءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا} (153)

اشتملت الآية على جنسين من قبيح ما فعلوه : أحدهما سؤالهم الرؤية والثاني عبادة العجل بعدما ظهرت لهم الآيات الباهرة .

فأمّا سؤالهم الرؤية فَذُمُّوا عليه لأنهم اقترحوا عليه ذلك بعد ما قطع عذرهم بإقامة المعجزات ، ثم طلبوا الرؤية لا على وجه التعليم ، أو على موجب التصديق به ، أو على ما تحملهم عليه شدة الاشتياق ، و كل ذلك سوء أدب .

الإشارة فيه أيضاً أنْ مَنْ يكتفي بأن يكون العجلُ معبودَه - متى - يسلم له أن يكون الحقُّ مشهودَه ؟

ويقال القومُ لم يباشِرْ العرفانُ أسرارَهم فلذلك عكفوا بعقولهم على ما يليق بهم من محدودٍ جوَّزوا أنْ يكون معبودَهم .

قوله جلّ ذكره : { وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا } .

حجةً ظاهرةً ، بل تفرداً صَانَه من التمثيل والتعطيل .

والسلطان المبين التحصيل والتنزيه المانع من التعطيل والتشبيه .

ويقال السلطان المبين القوة بسماع الخطاب من غير واسطة .

ويقال السلطان المبين لهذه الأمة غداً ، وهو بقاؤهم في حال لقائهم - قال صلى الله عليه وسلم : " لا تضامون في رؤيته " - في خبر الرؤية