تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ وامرأته } وهي أم جميل بنت حرب ، وهي أخت أبي سفيان بن حرب { حمالة الحطب } يعني كل شوك يعقر كانت تلقيه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ليعقره ....
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول : سيصلى أبو لهب وامرأته حمالة الحطب نارا ذات لهب . واختلف أهل التأويل ، في معنى قوله : { حَمّالَةَ الْحَطَبِ } فقال بعضهم : كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليدخل في قَدمه إذا خرج إلى الصلاة ... ويقال : { حَمّالَةَ الْحَطَب } : نقالة للحديث ...
وقال آخرون : قيل لها ذلك : حمالة الحطب ، لأنها كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة ، وتعيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ...
وقال بعضهم : كانت تُعَيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تَحْطِبُ فَعُيّرت بأنها كانت تحطب .
وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي ، قول من قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك هو أظهر معنى ذلك .
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وقوله تعالى : { وامرأته حمالة الحطب } ... وقيل : إن قوله { حمالة الحطب } استعارة لذنوبها التي تحطبها على نفسها لآخرتها ، ف { حمالة } على هذا نكرة ، يراد بها الاستقبال . وقيل : هي استعارة لسعيها على الدين والمؤمنين ، كما تقول : فلان يحطب على فلان وفي حبل فلان ، فكانت هي تحطب على المؤمنين وفي حبل المشركين...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
وكانت عونًا لزوجها على كفره وجحوده وعناده ؛ فلهذا تكون يوم القيامة عَونًا عليه في عذابه في نار جهنم . ولهذا قال : { حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ } يعني : تحمل الحطب فتلقي على زوجها ، ليزداد على ما هو فيه ، وهي مُهَيَّأة لذلك ، مستعدة له ....
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ وامرأته } أي أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، مثل زوجها في التباب والصلي ، من غير أن يغني عنها شيء من مال ولا حسب ولا نسب ، ...{ حمالة الحطب } أي الحاملة أقصى ما يمكن حمله من حطب جهنم بما كانت تمشي به ، وتبالغ فيه من حمل حطب البهت والنميمة الذي تحمل به على معاداة النبي صلى الله عليه وسلم ، وشدة أذاه ، وإيقاد نار الحرب والخصومة عليه صلى الله عليه وسلم ، ...
قوله تعالى : { وامرأته } أم جميل . وقال ابن العربي : العوراء أم قبيح ، وكانت عوراء . { حمالة{[16542]} الحطب } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : كانت تمشي بالنميمة بين الناس ، تقول العرب : فلان يحطب على فلان : إذا ورش عليه{[16543]} . قال الشاعر :
إن بني الأَدْرَمِ حَمَّالُو الحطبْ*** هم الوشاة في الرضا وفي الغَضَبْ
عليهم اللعنةُ تَتْرَى والحَرَبْ{[16544]}
من البيض لم تصطد على ظهرٍ لأُمَّةٍ *** ولم تمش بين الحي بالحطب الرَّطْبِ
يعني : لم تمش بالنمائم ، وجعل الحطب رطبا ليدل على التدخين ، الذي هو زيادة في الشر . وقال أكثم بن صيفي لبنيه : إياكم والنميمة فإنها نار محرقة ، وإن النمام ليعمل في ساعة مالا يعمل الساحر في شهر . أخذه بعض الشعراء فقال :
إن النميمةَ نارٌ ويْكَ مُحْرِقَةٌ *** ففرَّ عنها وجانبْ من تَعَاطَاهَا
ولذلك قيل : نار الحقد لا تخبو . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة نمام " . وقال : " ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها " . وقال عليه الصلاة والسلام : " من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه " . وقال كعب الأحبار : أصاب بني إسرائيل قحط ، فخرج بهم موسى عليه السلام ثلاث مرات فلم يستسقوا . فقال موسى : ( إلهي عبادك ) ، فأوحى الله إليه : ( إني لا أستجيب لك ولا لمن معك ؛ لأن فيهم رجلا نماما ، قد أصر على النميمة ) . فقال موسى : ( يا رب من هو حتى نخرجه من بيننا ) ؟ فقال : ( يا موسى ، أنهاك عن النميمة وأكون نماما ) . قال : فتابوا بأجمعهم ، فسقوا . والنميمة من الكبائر ، لا خلاف في ذلك ، حتى قال الفضيل بن عياض : ثلاث تهد العمل الصالح ويفطرن الصائم ، وينقضن الوضوء : الغيبة ، والنميمة ، والكذب . وقال عطاء بن السائب : ذكرت للشعبي قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة سافك دم ، ولا مشاء بنميمة ، ولا تاجر يربي " ، فقلت : يا أبا عمرو ، قرن النمام بالقاتل وآكل الربا ؟ فقال : وهل تسفك الدماء ، وتنتهب الأموال ، وتهيج الأمور العظام ، إلا من أجل النميمة .
وقال قتادة وغيره : كانت تعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر . ثم كانت مع كثرة ما لها تحمل الحطب على ظهرها ؛ لشدة بخلها ، فعيرت بالبخل . وقال ابن زيد والضحاك : كانت تحمل العضاه والشوك ، فتطرحه بالليل على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقاله ابن عباس . قال الربيع : فكان النبي صلى الله عليه وسلم يطؤه كما يطأ الحرير . وقال مرة الهمداني : كانت أم جميل تأتي كل يوم بإبالة{[16545]} من الحسك{[16546]} فتطرحها على طريق المسلمين ، فبينما هي حاملة ذات يوم حزمة أعيت ، فقعدت على حجر لتستريح ، فجذبها الملك من خلفها فأهلكها . وقال سعيد بن جبير : حمالة الخطايا والذنوب ، من قولهم : فلان يحتطب على ظهره ، دليله قوله تعالى : { وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم }{[16547]} [ الأنعام : 31 ] . وقيل : المعنى حمالة الحطب في النار ، وفيه بعد . وقراءة العامة " حمالة " بالرفع ، على أن يكون خبرا " وامرأته " مبتدأ . ويكون " في جيدها حبل من مسد " جملة في موضع الحال من المضمر في " حمالة " . أو خبرا ثانيا . أو يكون { حمالة الحطب } نعتا لامرأته . والخبر { في جيدها حبل من مسد } ؛ فيوقف - على هذا - على { ذات لهب{ . ويجوز أن يكون { وامرأته{ معطوفة على المضمر في { سيصلى{ فلا يوقف على { ذات لهب } ويوقف على { وامرأته } وتكون { حمالة الحطب } خبر ابتداء محذوف . وقرأ عاصم { حمالة الحطب } بالنصب على الذم ، كأنها اشتهرت بذلك ، فجاءت الصفة للذم لا للتخصيص ، كقوله تعالى : { حمالة الحطب } بالنصب على الذم ، كقوله تعالى : { ملعونين أينما ثقفوا }{[16548]} . وقرأ أبو قلابة { حاملة الحطب } .
ولما أخبر سبحانه وتعالى عنه بكمال التباب الذي هو نهاية الخسار ، وكان أشق ما على الإنسان هتك ما يصونه من حريمه ، حتى أنه يبذل نفسه دون ذلك ، لا سيما العرب ، فإنه لا يدانيهم في ذلك أحد ، زاده تحقيراً بذكر من يصونها معبراً عنها بما صدرها بأزرإ صورة وأشنعها ، فقال مشيراً إلى أن خلطة الأشرار غاية الخسار ، فإن الطبع وإن كان جيداً يسرق من الردىء ، فكيف إذا كان رديئاً ، وإن أرضى الناس بما يسخط الله أعظم الهلاك { وامرأته } أي أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، مثل زوجها في التباب والصلي ، من غير أن يغني عنها شيء من مال ولا حسب ولا نسب ، وعدل عن ذكرها بكنيتها ؛ لأن صفتها القباحة ، وهي ضد كنيتها ، ومن هنا تؤخذ كراهة التلقيب بناصر الدين ونحوها لمن ليس متصفاً بما دل عليه لقبه ، ثم وصفها بما أشار إليه ذنبها ، وأكمل قبيح صورتها فقال : { حمالة الحطب } أي الحاملة أقصى ما يمكن حمله من حطب جهنم بما كانت تمشي به ، وتبالغ فيه من حمل حطب البهت والنميمة الذي تحمل به على معاداة النبي صلى الله عليه وسلم ، وشدة أذاه ، وإيقاد نار الحرب والخصومة عليه صلى الله عليه وسلم ، من قول الشاعر :
من البيض لم تصطد على ظهر لأمة *** ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب
أراد النميمة ، وعبر بالرطب للدلالة على زيادة الشر بما فيه من التدخين ، وشبهت النميمة بالحطب ؛ لأنها توقد الشر فتفرق بين الناس ، كما أن الحطب يكون وقوداً للنار فتفرقه ، وكذا بما كانت تحمل من الشوك وتنثره ليلاً في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لتؤذيه ، وكانت تفعله بنفسها من شدة عداوتها ، وتباشره ليلاً لتستخفي به ؛ لأنها كانت شريفة ، فلما نزلت سورة صوّرتها بأقبح صورة ، فكان ذلك أعظم فاضح لها . وقراءة عاصم بالنصب للقطع على الشتم تؤدي أن امرأته مبتدأ ، وأن الخبر { في جيدها } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.