{ وامرأته } أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان ، وكانت عوراء . { حَمَّالَةَ الْحَطَبِ } يقال : الحديث والكذب . قال : ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : كانت تمشي بالنميمة ، يقول العرب : فلان يحطب على فلان ؛ إذا وشى وأغرى ، قال : شاعرهم :
من البيض لم يصطد على ظهر لامة *** ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب
يعني لم يمش بالنمائم ، وقال آخر :
فلسنا كمن يرجى المقالة شطره *** يفرق العضاه الرطب والغيل اليبس
وروى معمر عن قتادة قال : كانت تعيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تحتطب ، فعيّرت بذلك ، وهذا قول غير قوي ؛ لأن الله سبحانه وصفهم بالمال والولد ، وحمل الحطب ليس بعيب ، وقال الضحاك وابن زيد : كانت تأتي بالشوك والعضاه فتطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعقرهم ، وهي رواية عطية عن ابن عباس . قال الربيع بن أنس : كانت تنشر السعدان على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيطأه كما يطأ الحرير والفرند .
مرة الهمداني : كانت أم جميل تأتي كل يوم بأبالة من الحسك فتطرحه على طريق المسلمين ، فبينما هي ذات يوم حاملة حزمة أعيت فقعدت على حجر تستريح ، فأتاها ملك فحدّثها من خلفها فأهلكها .
وقال سعيد بن جبير : حمالة الخطايا ، دليله قوله سبحانه :{ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ } [ الأنعام : 31 ] ، وقول العرب : فلان يحطب على ظهره إذا أساء ، فلان حاطب قريته إذا كان الجاني فيهم ، وفلان محطوب عليه إذا كان مجنياً عليه .
وقراءة العامة بالرفع فيهما ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، ولها وجهان : أحدهما : سيصلى ناراً هو وامرأته حمالة الحطب ، والثاني : وامرأته حمالة الحطب في النار أيضاً .
وحجّة الرافعين ما أخبرنا محمد بن نعيم قال : أخبرنا الحسين بن أيوب قال : أخبرنا علي بن عبد العزيز قال : أخبرنا أبو عبيد قال : حدّثنا حجاج بن هارون قال : في قراءة عبد الله ( وامرأته حمالة للحطب ) . وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وابن محتضر والأعرج وعاصم { حَمَّالَةَ } بالنصب ، ولها وجهان : أحدهما الحال والقطع ؛ لأن أصله وامرأته الحمالة الحطب ، فلما ألقيت الألف واللام نصب الكلام ، والثاني على الذم والشتم كقوله سبحانه :{ مَّلْعُونِينَ } [ الأحزاب : 61 ] .
وروى ابن أبي الزياد عن أبيه قال : كان عامة العرب يقرؤون { حمالة الحطب } ، وقرأ أبو قلابة ( وامرأته حمالة الحطب ) على فاعله ، والحطب جمع ، واحدتها حطبة .
وقال : بعض أهل اللغة : الحطب ها هنا جمع الحاطب ، وهو الجانب المذنب ، يعني أنَّها كانت تحملهم بالنميمة على معاداته ، ونظيره من الكلام راصد و رصد ، و حارس وحرس ، وطالب وطلب ، وغائب وغيب ، والعلة في تشبيههم النميمة بالحطب هي أن الحطب يوقد ويضرم كذلك النميمة . قال : أكثم بن صيفي لبنيه : إياكم والنميمة ، فإنَّها نار محرقة ، وإن النمام ليعمل في ساعة مالا يعمل الساحر في شهر ، فأخذه الشاعر فقال :
إن النميمة نار ويك محرقة *** فعد عنها وحارب من تعاطاها
ولذلك قيل : نار الحقد لا تخبو .
والعلة الثانية : أن الحطب يصير ناراً ، والنار سبب التفريق ، فكذلك النميمة ، وأنشدني أبو القاسم [ الحبيبي ] قال : أنشدني أبو محمد الهاراني الجويني قال :
إنّ بني الأدرم حمالوا الحطب *** هم الوشاة في الرضا وفي الغضب
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.