البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ} (4)

3

الحطب معروف ، ويقال : فلان يحطب على فلان إذا وشى عليه .

{ وامرأته } على التكبير ، { حمالة } على وزن فعالة للمبالغة مضافاً إلى الحطب مرفوعاً ، والسين للاستقبال وإن تراخى الزمان ، وهو وعيد كائن إنجازه لا محالة .

وارتفع { وامرأته } عطفاً على الضمير المستكن في { سيصلى } ، وحسنه وجود الفصل بالمفعول وصفته ، { وحمالة } في قراءة الجمهور خبر مبتدأ محذوف ، أو صفة لامرأته ، لأنه مثال ماض فيعرف بالإضافة ، وفعال أحد الأمثلة الستة وحكمها كاسم الفاعل .

وفي قراءة النصب ، انتصب على الذم .

وأجازوا في قراءة الرفع أن يكون { وامرأته } مبتدأ ، وحمالة ، واسمها أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان ، وكانت عوراء .

والظاهر أنها كانت تحمل الحطب ، أي ما فيه شوك ، لتؤذي بإلقائه في طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لتعقرهم ، فذمت بذلك وسميت حمالة الحطب ، قاله ابن عباس .

فحمالة معرفة ، فإن كان صار لقباً لها جاز فيه حالة الرفع أن يكون عطف بيان ، وأن يكون بدلاً .

قيل : وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنشرها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال ابن عباس أيضاً ومجاهد وقتادة والسدي : كانت تمشي بالنميمة ، ويقال للمشاء بها : يحمل الحطب بين الناس ، أي يوقد بينهم النائرة ويورث الشر .

قال الشاعر :

من البيض لم يصطد على ظهر لامه *** ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب

جعله رطباً ليدل على التدخين الذي هو زيادة في الشر .

وقال الراجز :

إن بني الأرزم حمالو الحطب *** هم الوشاة في الرضا وفي الغضب

وقال ابن جبير : حمالة الخطايا والذنوب ، من قولهم : يحطب على ظهره .

قال تعالى : { وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم } .

وقيل : الحطب جمع حاطب ، كحارس وحرس ، أي يحمل الجناة على الجنايات ،