فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ} (4)

{ وامرأته حَمَّالَةَ الحطب } معطوف على الضمير في «يصلى » . وجاز ذلك للفصل : أي وتصلى امرأته ناراً ذات لهب . وهي أمّ جميل بنت حرب أخت أبي سفيان ، وكانت تحمل الغضى والشوك فتطرحه بالليل على طريق النبيّ صلى الله عليه وسلم ، كذا قال ابن زيد والضحاك والربيع بن أنس ومرّة الهمداني . وقال مجاهد وقتادة والسديّ : إنها كانت تمشي بالنميمة بين الناس . والعرب تقول : فلان يحطب على فلان : إذا نمّ به ، ومنه قول الشاعر :

إن بني الأدرم حمالوا الحطب *** هم الوشاة في الرضا والغضب

عليهم اللعنة تترى والحرب *** . . .

وقال آخر :

من البيض لم يصطد على ظهر لأمة *** ولم يمش بين الناس بالحطب الرطب

وجعل الحطب في هذا البيت رطباً لما فيه من التدخين الذي هو زيادة في الشرّ ، ومن الموافقة للمشي بالنميمة . وقال سعيد بن جبير : معنى حمالة الحطب أنها حمالة الخطايا والذنوب ، من قولهم : فلان يحتطب على ظهره ، كما في قوله : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ } [ الأنعام : 31 ] . وقيل : المعنى حمالة الحطب في النار . قرأ الجمهور : { حَمَّالَةُ } بالرفع على الخبرية على أنها جملة مسوقة للإخبار بأن امرأة أبي لهب حمالة الحطب ، وأما على ما قدّمنا من عطف { وامرأته } على الضمير في «تصلى » ، فيكون رفع حمالة على النعت لامرأته ، والإضافة حقيقية لأنها بمعنى المضيّ ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي هي حمالة . وقرأ عاصم بنصب : { حَمَّالَةَ } على الذمّ ، أو على أنه حال من امرأته . وقرأ أبو قلابة ( حاملة الحطب ) .

/خ5