الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 124]

"إذْ قالَ لَقَوْمِهِ ألا تَتّقُونَ"؟ يقول حين قال لقومه في بني إسرائيل: ألا تتقون الله أيها القوم، فتخافونه، وتحذرون عقوبته على عبادتكم ربا غير الله، وإلها سواه "وَتَذَرُونَ أحْسَنَ الخالِقِينَ "يقول: وتَدَعون عبادةَ أحسنِ مَن قيل له خالق.

وقد اختلف في معنى بَعْل؛ فقال بعضهم: معناه: أتدعون ربا، وقالوا: هي لغة لأهل اليمن معروفة فيهم... تقول: مَنْ بَعْل هذا الثور: أي من رَبّه؟...

وقال آخرون: هو صنم كان لهم يقال له بَعْل، وبه سميت بعلبك...

وقال آخرون: كان بَعْل: امرأة كانوا يعبدونها...

وللبَعْل في كلام العرب أوجه: يقولون لربّ الشيء هو بَعْلَهُ، يقال: هذا بَعْل هذه الدار، يعني ربّها، ويقولون لزوج المرأة بعلُها، ويقولون لما كان من الغروس والزروع مستغنيا بماء السماء، ولم يكن سَقِيا بل هو بعل، وهو العَذْي... وتأويل الكلام: ذلك معبودكم أيها الناس الذي يستحقّ عليكم العبادة: ربكم الذي خلقكم، وربّ آبائكم الماضين قبلكم، لا الصنم الذي لا يخلق شيئا، ولا يضرّ ولا ينفع.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{أتدعون بعلا} ربا تعلمون أنه لا يضر ولا ينفع.

{وتذرون} عبادة من تعلمون أنه يملك ذلك؟...

{أحسن الخالقين} أي أحكم وأتقن أو {أحسن الخالقين} لما ذكر أنه خلقهم، وخلق آباءهم الأولين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان هذا الإنكار سبباً للإصغاء، كرره مفصحاً بسببه فقال: {أتدعون بعلاً} أي إلهاً ورباً وتتركون ترك المهمل الذي من شأنه أن يزهد فيه {أحسن الخالقين} وهو من لا يحتاج في الإيجاد والإعدام إلى أسباب فلا تعبدونه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جيء في قوله: {وتَذرونَ أحسن الخالقِينَ} بذكر صفة الله دون اسمه العَلَم؛ تعريضاً بتسفيه عقول الذين عبدوا بَعلاً بأنهم تركوا عبادة الرب المتصف بأحسن الصفات وأكملها، وعبدوا صنماً ذاته وخش، فكأنه قال: أتَدْعون صنماً بشعاً جمع عنصري الضعف وهما المخلوقية وقبح الصورة وتتركون من له صفة الخالقية والصفات الحسنى.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

... وتأمل هنا: الحق سبحانه ينكر عليهم أنْ يعبدوا صنماً، ويتركوا عبادة الله لكن لم يقُلْ: وتذرون الله، إنما {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} فذكر الوصف المشوِّق الدال على أحقيته تعالى في العبادة.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

قال ثعلب : اختلف الناس في قوله عز وجل ها هنا " بعلا " فقالت طائفة : البعل ها هنا الصنم . وقال طائفة : البعل ها هنا ملك . وقال ابن إسحاق : امرأة كانوا يعبدونها . والأول أكثر . وروى الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس : " أتدعون بعلا " قال : صنما . وروى عطاء بن السائب عن عكرمة عن ابن عباس : " أتدعون بعلا " قال : ربا . النحاس : والقولان صحيحان ، أي أتدعون صنما عملتموه ربا . يقال : هذا بعل الدار أي ربها . فالمعنى أتدعون ربا اختلقتموه ، و " أتدعون " بمعنى أتسمون . حكى ذلك سيبويه . وقال مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي : البعل الرب بلغة اليمن . وسمع ابن عباس رجلا من أهل اليمن يسوم ناقة بمنى فقال : من بعل هذه ؟ . أي من ربها ، ومنه سمي الزوج بعلا . قال أبو دواد{[13297]} :

ورأيتُ بعلكِ في الوَغَى *** مُتَقَلِّدًا سيفاً ورمحَا

مقاتل : صنم كسره إلياس وهرب منهم . وقيل : كان من ذهب وكان طوله عشرين ذراعا ، وله أربعة أوجه ، فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياءه ، فكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلالة ، والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس ، وهم أهل بعلبك من بلاد الشام . وبه سميت مدينتهم بعلبك كما ذكرنا . " وتذرون أحسن الخالقين " أي أحسن من يقال له خالق . وقيل : المعنى أحسن الصانعين ؛ لأن الناس يصنعون ولا يخلقون .


[13297]:هكذا في كل نسخ الأصل ونسبه في الكامل لعبد الله بن الزبعرى ورواه كما في المعاجم: يا ليت زوجك في الوغى الخ وقد مضى للمصنف.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

ولما كان هذا الإنكار سبباً للإصغاء ، كرره مفصحاً بسببه فقال : { أتدعون بعلاً } أي إلهاً ورباً ، وهم صنم كان لهم في مدينة بعلبك كان من ذهب طوله عشرين ذراعاً وله أربعة أوجه ، فكان الشيطان يدخل في جوفه ويتكلم بشريعة الضلالة ، والسدنة يحفظونها ، وهم أربعمائة ويعلمونها الناس ، ويحتمل أن يكون علماً على الصنم المذكور فيكون المفعول الثاني منوياً ، وحذف ليفهم الدعاء الذي لا دعاء يشبهه وهو الدعاء بالإلهية ، ومن قرأ شاذاً " بعلاء " بوزن " حمراء " فهو إشارة إلى كثرة حث امرأة الملك على عبادة بعل وقتل إلياس عليه السلام ، وطاعة زوجها لها في ذلك - كما حكاه البغوي ، فاستحق التأنيث لذلك ، فأنث لكثرة ملابستها له ، والجنسية علة الصنم .

ولما كان دعاؤهم إياه للعبادة بينه بقوله : { وتذرون } ومادة " وذر " تدور على ما يكره ، فالمعنى : وتتركون ترك المهمل الذي من شأنه أن يزهد فيه ، ولو قيل : وتدعون - تهافتاً على الجناس لم يفد هذا وانقلب المراد . ولما كان الداعي لا يدعو إلا بكشف ضر أو إلباس نفع ، فكان لا يجوز أن يدعو إلا من يقدر على إعدام ما يشاء وإيجاد ما يريد ، قال منبهاً لهم على غلطهم في الفعل والترك : { أحسن الخالقين * } أي وهو من لا يحتاج في الإيجاد والإعدام إلى أسباب فلا تعبدونه .