الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرٗا} (6)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول : إن مع الشدة الرخاء .

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي 468 هـ :

{ إن مع العسر يسرا } تكرار للتأكيد ، وقيل إن هذا عام في كل عسر أصاب المؤمن ، وهو من الله تعالى على وعد اليسر إما في الدنيا وإما في الآخرة ، فالعسر واحد واليسر اثنان . .

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

ثم كرر ذلك مبالغة في حصول اليسر . ولما كان اليسر يعتقب العسر من غير تطاول أزمان ، جعل كأنه معه ، وفي ذلك تبشيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحصول اليسر عاجلاً . والظاهر أن التكرار للتوكيد ، كما قلنا ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة : { إن مع العسر يسراً } مؤكدة لجملة : { فإن مع العسر يسراً } وفائدة هذا التأكيد تحقيق اطراد هذا الوعد وتعميمه لأنه خبر عجيب . ومن المفسرين من جعل اليسر في الجملة الأولى يسر الدنيا وفي الجملة الثانية يسر الآخرة، وأسلوب الكلام العربي لا يساعد عليه، لأنه متمحض لكون الثانية تأكيداً . هذا وقول النبي صلى الله عليه وسلم « لن يغلب عسر يسرين » قد ارتبط لفظه ومعناه بهذه الآية . وصُرح في بعض رواياته بأنه قرأ هذه الآية حينئذ وتضافر المفسّرون على انتزاع ذلك منها فوجب التعرض لذلك ، وشاع بين أهل العلم أن ذلك مستفاد من تعريف كلمة العسر وإعادتها معرفة ومن تنكير كملة « يسر » وإعادتها منكَّرة ، وقالوا : إن اللفظ النكرة إذا أعيد نكرة فالثاني غير الأول وإذا أعيد اللفظ معرفة فالثاني عين الأول كقوله تعالى : { كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول } [ المزمل : 15 ، 16 ] . وبناء كلامهم على قاعدة إعادة النكرة معرفة خطأ لأن تلك القاعدة في إعادة النكرة معرفة لا في إعادة المعرفة معرفة وهي خاصة بالتعريف بلام العهد دون لام الجنس ، وهي أيضاً في إعادة اللفظ في جملة أخرى والذي في الآية ليس بإعادة لفظ في كلام ثان بل هي تكرير للجملة الأولى ، فلا ينبغي الالتفات إلى هذا المأخذ ، وقد أبطله من قبل أبو علي الحسين الجرجاني في كتاب « النظم » كما في « معالم التنزيل » . وأبطله صاحب « الكشاف » أيضاً ، وجعل ابن هشام في « مغني اللبيب » تلك القاعدة خطأ . والذي يظهر في تقرير معنى قوله : « لن يغلب عسر يسرين » أن جملة : { إن مع العسر يسراً } تأكيد لجملة { فإن مع العسر يسراً } . ومن المقرر أن المقصود من تأكيد الجملة في مثله هو تأكيد الحكم الذي تضمنه الخبر . ولا شك أن الحكم المستفاد من هذه الجملة هو ثبوت التحاق اليسر بالعسر عند حصوله ، فكان التأكيد مفيداً ترجيح أثر اليسر على أثر العسر ، وذلك الترجيح عبر عنه بصيغة التثنية في قوله : « يسرين » ، فالتثنية هنا كناية رمزية عن التغلب والرجحان فإن التثنية قد يكنى بها عن التكرير المراد منه التكثير كما في قوله تعالى : { ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير } [ الملك : 4 ] أي ارجع البصر كثيراً لأن البصر لا ينقلب حسيراً من رَجعتين . ومن ذلك قول العرب : لَبَّيْك ، وسَعْدَيك ، ودَوَاليك » والتكرير يستلزم قوة الشيء المكرر فكانت القوة لازِمَ لازِمِ التثنية وإذا تعددت اللوازم كانت الكناية رمزية . وليس ذلك مستفاداً من تعريف { العسر } باللام ولا من تنكير « اليسر » وإعادته منكراً .

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ويأتي التأكيد الآخر : ( إنّ مع العسر يُسراً ) . لا تغتمّ أيّها النّبي ، فالمشاكل والعقبات لا تبقى على هذه الحالة ، ودسائس الأعداء لن تستمر ، وشظف العيش وفقر المسلمين سوف لا يظلّ على هذا المنوال . الذي يتحمل الصعاب ، ويقاوم العواصف سوف ينال يوماً ثمار جهوده ، وستخمد عربدة الأعداء ، وتحبط دسائسهم ، ويتمهّد طريق التقدم والتكامل ويتذلل طريق الحق . بعض المفسّرين ذهب إلى أنّ هذه الآيات تشير إلى فقر المسلمين في معيشتهم خلال الفترة الاُولى من الدعوة ، لكن المفهوم الواسع للآيات يستوعب كلّ ألوان المشاكل . أسلوب الآيتين يجعلهما لا تختصان بشخص النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم )وبزمانه ، بل بصورة قاعدة عامّة مستنبطة ممّا سبق . وتبشّر كلّ البشرية المؤمنة المخلصة الكادحة ، وتقول لها : كّل عسر إلى جانبه يسر ، ولم ترد في الآية كلمة «بعد » بل «مع » للدلالة على الاقتران . ...