وقوله تعالى : { إنّ مع العسر ويسراً } استئناف وعد الله تعالى بأن العسر متبوع بيسر آخر كثواب الآخرة ، كقولك : للصائم فرحة ، ثم فرحة ، أي : فرحة عند الإفطار وفرحة عند لقاء الرب ، ويجوز أن يراد باليسرين ما تيسر من الفتوح في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تيسر لهم أيام الخلفاء وقيل : تكرير .
فإن قيل : ما معنى قول ابن عباس رضي الله عنه وابن مسعود رضي الله عنهما : لن يغلب عسر يسرين ، وقد روي مرفوعاً أنه صلى الله عليه وسلم «خرج ذات يوم وهو يضحك ويقول : لن يغلب عسر يسرين » أجيب : بأن هذا حمل على الظاهر وبناء على قوّة الرجاء ، وأنّ موعد الله لا يحمل إلا على أوفى ما يحتمله اللفظ وأبلغه ، والقول عنه أنه يحتمل أن تكون الجملة الثانية تكريراً للأولى كما كرر في قوله تعالى : { ويل يومئذ للمكذبين } [ المرسلات : 15 ] لتقرير معناها في النفوس ، وتمكينها في القلوب ، وكما تكرر المفرد في قولك : زيد زيد . وأن تكون الأولى عدة بأن العسر مردف بيسر لا محالة ، والثانية عدة مستأنفة بأن العسر متبوع بيسر فهما يسران على تقدير الاستئناف .
وإنما كان العسر واحدا لأنه لا يخلو إما أن يكون تعريفه للعهد ، وهو العسر الذي كانوا فيه فهو هو ، لأنّ حكمه حكم زيد في قولك : إنّ مع زيد مالاً إنّ مع زيد مالاً ، وإما أن يكون للجنس الذي يعلمه كل أحد فهو هو أيضاً .
وأما اليسر فمنكر متناول لبعض الجنس ، فإذا كان الكلام الثاني مستأنفاً غير مكرر فقد تناول بعضاً غير البعض الأوّل بغير إشكال ، أو بأن لن يغلب عسر الدنيا اليسر الذي وعد الله المؤمنين فيها واليسر الذي وعدهم في الآخرة إنما يغلب أحدهما وهو يسر الدنيا فأما يسر الآخرة فدائم غير زائل ، أي : لا يجتمعان في الغلبة كقوله صلى الله عليه وسلم «شهرا عيد لا ينقصان » ، أي : لا يجتمعان في النقصان . فإن قيل : فما معنى التنكير ؟ أجيب : بأنه للتفخيم ، كأنه قيل : إنّ مع العسر يسراً عظيماً وأي يسر .
روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لو كان العسر في جحر ضب لتبعه اليسر حتى يخرجه » . وللطبراني عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لو كان العسر في جحر لدخل اليسر حتى يخرجه » . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.