مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرٗا} (6)

{ فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً إِنَّ مَعَ العسر يُسْراً } أي إن مع الشدة التي أنت فيها من مقاساة بلاء المشركين يسراً بإظهاري إياك عليهم حتى تغلبهم . وقيل : كان المشركون يعيرون رسول الله والمؤمنين بالفقر حتى سبق إلى وهمه أنهم رغبوا عن الإسلام لافتقار أهله ، فذكره ما أنعم به عليه من جلائل النعم . ثم قال { إِنَّ مَعَ العسر يُسْراً } كأنه قال : خولناك ما خولناك فلا تيأس من فضل الله فإن مع العسر الذي أنتم فيه يسراً ، وجيء بلفظ «مع » لغاية مقاربة اليسر العسر زيادة في التسلية ولتقوية القلوب ، وإنما قال عليه السلام عند نزولها : " لن يغلب عسر يسرين " لأن العسر أعيد معرفاً فكان واحداً ، لأن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت الثانية عين الأولى ، واليسر أعيد نكرة والنكرة إذا أعيدت نكرة كانت الثانية غير الأولى ، فصار المعنى إن مع العسر يسرين . قال أبو معاذ : يقال إن مع الأمير غلاماً إن مع الأمير غلاماً ، فالأمير واحد ومعه غلامان . وإذا قال : إن مع أمير غلاماً وإن مع الأمير الغلام ، فالأمير واحد والغلام واحد . وإذا قيل : إن مع أمير غلاماً وإن مع أمير غلاماً فهما أميران وغلامان كذا في «شرح التأويلات » .