ثم إنهم كانوا يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر فقيل له : لا يحزنك قولهم { فإن مع العسر يسراً } أي بعد العسر الذي أنتم فيه يسر وأي يسر جعل الزمان القريب كالمتصل والمقارن زيادة في التسلية وقوة الرجاء . روى مقاتل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم وهو يضحك ويقول : لن يغلب عسر يسرين . فقال الفراء والزجاج : العسر مذكور بالألف واللام وليس هناك معهود سابق فينصرف إلى الحقيقة فيكون المراد بالعسر في الموضعين شيئاً واحداً ، وأما اليسر فإنه مذكور على سبيل التنكير فكان أحدهما غير الآخر ، وزيفه الجرجاني بأنه من المعلوم أن القائل إذا قال : إنّ مع الفارس سيفاً إن مع الفارس سيفاً . لم يلزم منه أن يكون هناك فارس واحد معه سيفان . وأقول : إذا كان المراد بالعسر الجنس لا العهد لزم اتحاد العسر في الصورتين . وأما اليسر فمنكر فإن حمل الكلام الثاني على التكرار مثل { فبأي آلاء ربكما تكذبان }
[ الرحمن :13 ] ونحوه كان اليسران واحداً . وإن حمل على أنه جملة مستأنفة لزم أن يكون اليسر الثاني غير الأول وإلا كان تكراراً والمفروض خلافه . وإن كان المراد العسر المعهود فإن كان المعهود واحداً وكان الثاني تكراراً كان اليسران أيضاً واحداً ، وإن كان مستأنفاً كانا اثنين وإلا لزم خلاف المفروض ، وإن كان المعهود اثنين فالظاهر اختلاف اليسرين وإلا لزم أو حسن أن يعاد اليسر الثاني معرفاً بلام العهد فهو واحد والكلام الثاني تكرير للأول لتقريره في النفوس ، إلا أنه يحسن أن يجعل اليسر فيه مغايراً للأول لعدم لام العهد . ولعل هذا معنى الحديث إن ثبت والله أعلم ورسوله . وإذا عرفت هذه الاحتمالات فإن لم يثبت صحة الحديث أمكن حمل الآية على جميعها ، وإن ثبت صحته وجب حملها على وجه يلزم منه اتحاد العسر واختلاف اليسر . وحينئذ يكون فيه قوة الرجاء ومزيد الاستظهار برحمة الكريم . وأما اليسران على تقدير اختلافهما فقيل : يسر الدنيا ويسر الآخرة أي إن مع العسر الذي أنتم فيه يسر العاجل ، إن مع العسر الذي أنتم فيه يسر الآجل . وقيل : ما تيسر لهم من الفتوح في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم في أيام الخلفاء الراشدين ، والأظهر الجنس ليكون وعداً عاماً لجميع المكلفين في كل عصر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.