المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

2- وأن بيت المقدس كان يسكنه بنو إسرائيل من بعد موسى ، حتى أفسدوا فيه ، فشُرِّدُوا منه من قبل ، مع أننا أعطينا موسى التوراة ، وجعلنا فيها هداية لهم ، وقلنا لهم : لا تتخذوا غير الله معبوداً تفوضون إليه أموركم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

عطف قوله : { وآتينا } على ما في قوله { أسرى بعبده } [ الإسراء : 1 ] من تقدير الخبر ، كأنه قال أسرينا بعبدنا وأريناه آياتنا ، و { الكتاب } التوراة ، والضمير في { جعلناه } يحتمل أن يعود على { الكتاب } ويحتمل أن يعود على { موسى } . وقوله { ألا تتخذوا } يجوز أن تكون «أن » في موضع نصب بتقدير كراهية أن موضع خفض بتقدير لأن لا تتخذوا ، ويجوز أن تكون «أن » مفسرة بمعنى أي كما قال { أن امشوا واصبروا }{[7470]} [ ص : 6 ] فهي في هذا مع أمر موسى وهي في آياتنا هذه مع نهي ، والمعنى مع هذه التقديرات فعلنا ذلك لئلا تتخذوا يا ذرية ، ويحتمل أن يكون { ذرية } مفعولاً ، ويحتمل أن تكون «أن » زائدة ويضمر في الكلام قول تقديره قلنا لهم : لا تتخذوا ، وأما أن يضمر القول ولا تجعل «أن » زائدة فلا يتجه ، لأن ما بعد القول إما يكون جملة تحكى ، وإما أن يكون ترجمة عن كلام لا هو بعينه ، فيعمل القول في الترجمة كما تقول لمن قال : لا إله إلا الله قلت حقاً ، وقوله : { ألا تتخذوا } ليس بواحد من هذين ، قاله أبو علي وقرأ جمهور الناس «تتخذوا » بالتاء على المخاطبة ، وقرأ أبو عمرو وحده «ألا يتخذوا » بالياء على لفظ الغائب ، وهي قراءة بن عباس ومجاهد وقتادة وعيسى وأبي رجاء ، و «الوكيل » هنا فعيل من التوكل أي متوكلاً عليه في الأمور ، فهو ند لله بهذا الوجه ، قال مجاهد { وكيلاً } شريكاً .


[7470]:من الآية (6) من سورة (ص).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

عطف على جملة { سبحان الذي أسرى } [ الإسراء : 1 ] الخ فهي ابتدائية . والتقدير : الله أسرى بعبده محمد وآتى موسى الكتاب ، فهما منتان عظيمتان على جزء عظيم من البشر . وهو انتقال إلى غرض آخر لِمناسبة ذكر المسجد الأقصى . فإن أطوار المسجد الأقصى تمثل ما تطور به حالُ بني إسرائيل في جامعتهم من أطوار الصلاح والفساد ، والنهوض والركود ، ليعتبر بذلك المسلمون فيقتدوا أو يحذروا .

ولمناسبة قوله : { لنريه من آياتنا } [ الإسراء : 1 ] فإن من آيات الله التي أوتيها النبي آيَةَ القرآن ، فكان ذلك في قوة أن يقال : وآتيناه القرآن وآتينا موسى الكتاب ( أي التوراة ) ، كما يشهد به قوله بعد ذلك { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } [ الإسراء : 9 ] أي للطريقة التي هي أقوم من طريقة التوراة وإن كان كلاهما هُدى ، على ما في حالة الإسراء بالنبي عليه الصلاة والسلام ليلاً ليرى من آيات الله تعالى من المناسبة لحالة موسى عليه السلام حين أوتي النبوة ، فقد أوتي النبوءة ليلاً وهو سار بأهله من أرض مدين إذ آنس من جانب الطور ناراً ، ولحاله أيضاً حين أسري به إلى مناجاة ربه بآيات الكتاب .

والكتاب هو المعهود إيتاؤُه موسى عليه السلام وهو التوراة . وضمير الغائب في جعلناه للكتاب ، والإخبار عنه بأنه هدى مبالغة لأن الهُدى بسبب العمل بما فيه فجُعل كأنه نفسُ الهدى ، كقوله تعالى في القرآن : { هدى للمتقين } [ البقرة : 2 ] .

وخص بني إسرائيل لأنهم المخاطبون بشريعة التوراة دون غيرهم ، فالجعل الذي في قوله : { وجعلناه } هو جعل التكليف . وهم المراد ب « الناس » في قوله : { قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس } [ الأنعام : 91 ] ، لأن الناس قد يطلق على بعضهم ، على أن ما هو هدى لفريق من الناس صالح لأن يَنتفع بهديه من لم يكن مخاطباً بكتاب آخرَ ، ولذلك قال تعالى : { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور } [ المائدة : 44 ] .

وقرأ الجمهور { ألا تتخذوا } بتاء الخطاب على الأصل في حكاية ما يحكى من الأقوال المتضمنة نهياً ، فتكون ( أنْ ) تفسيرية لما تضمنه لفظ ( الكتاب ) من معنى الأقوال ، ويكون التفسير لبعض ما تضمنه الكتاب اقتصاراً على الأهم منه وهو التوحيد . وقرأ أبو عمرو وحده بياء الغيبة على اعتبار حكاية القول بالمعنى ، أو تكون ( أنْ ) مصدرية مجرورة بلام محذوفة حَذفاً مطرداً ، والتقدير : آتيناهم الكتاب لئلا يتخذوا من دوني وكيلا .

والوكيل : الذي تفوض إليه الأمور . والمراد به الرب ، لأنه يتكل عليه العباد في شؤونهم ، أي أن لا تتخذوا شريكاً تلجؤون إليه . وقد عُرف إطلاق الوكيل على الله في لغة بني إسرائيل كما حكى الله عن يعقوب وأبنائه { فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل } [ يوسف : 66 ] .