قوله تعالى : { ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل } ، أي :وكما أوحينا إلى نوح وإلى الرسل ، { رسلاً } نصب بنزع حرف الصفة ، وقيل معناه : وقصصنا عليك رسلاً ، وفي قراءة أبي : { ورسل قد قصصناهم عليك من قبل } ،
قوله تعالى : { ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً } ، قال الفراء : العرب تسمي ما يوصل إلى الإنسان كلاماً بأي طريق وصل ، ولكن لا تحققه بالمصدر ، فإذا حقق بالمصدر ، لم يكن إلا حقيقة الكلام ، كالإرادة ، يقال : أراد فلان إرادةً ، يريد حقيقة الإرادة ، ويقال :أراد الجدار ، ولا يقال أراد الجدار إرادة ، لأنه مجاز غير حقيقة .
وقوله تعالى : { ورسلاً قد قصصناهم عليك } الآية ، نصب { رسلاً } على المعنى ، لأن المعنى إنا أرسلناك كما أرسلنا نوحاً ، ويحتمل أن ينصب { رسلاً } بفعل مضمر تقديره أرسلنا رسلاً ، لأن الرد على اليهود إنما هو في إنكارهم إرسال الرسل واطراد الوحي ، وفي حرف{[4378]} أبي بن كعب «ورسل » في الموضعين بالرفع على تقديرهم رسل ، و { قصصناهم } معناه ذكرنا أسماءهم وأخبارهم ، وقوله تعالى : { ورسلاً لم نقصصهم عليك } يقتضي كثرة الأنبياء دون تحديد بعدد ، وقد قال تعالى { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير }{[4379]} وقال تعالى : { وقروناً بين ذلك كثيراً }{[4380]} وما يذكر من عدد الأنبياء فغير صحيح ، الله أعلم بعدتهم ، صلى الله عليهم{[4381]} .
وقوله تعالى : { وكلم الله موسى تكليماً } إخبار بخاصة موسى ، وأن الله تعالى شرفه بكلامه ثم أكد تعالى الفعل بالمصدر ، وذلك منبىء في الأغلب عن تحقيق الفعل ووقوعه ، وأنه خارج عن وجوه المجاز والاستعارة ، لا يجوز أن تقول العرب : امتلأ الحوض وقال : قطني{[4382]} قولاً ، فإنما تؤكد بالمصادر الحقائق ، ومما شذ قول هند بنت النعمان بن بشير :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وعجت عجيجاً من جذام المطارف{[4383]} .
وكلام الله للنبي موسى عليه السلام دون تكييف ولا تحديد ولا تجويز حدوث ولا حروف ولا أصوات ، والذي عليه الراسخون في العلم : أن الكلام هو المعنى القائم في النفس ، ويخلق الله لموسى أو جبريل إدراكاً من جهة السمع يتحصل به الكلام ، وكما أن الله تعالى موجود لا كالموجودات ، معلوم لا كالمعلومات فكذلك كلامه لا كالكلام ، وما روي عن كعب الأحبار عن محمد بن كعب القرظي ونحوهما : من أن الذي سمع موسى كان كأشد ما يسمع من الصواعق ، وفي رواية أخرى كالرعد الساكن فذلك كله غير مرضي عند الأصوليين ، وقرأ جمهور الأمة «وكلم اللهُ موسى » بالرفع في اسم الله ، وقرأ يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي «وكلم الله » بالنصب على أن موسى هو المكلم ، وهي قراءة ضعيفة من جهة الاشتهار ، لكنها مخرجة من عدة تأويلات .
قوله : { ورُسلا قد قصصناهم عليك من قبل } يعني في آي القرآن مثل : هود ، وصالح ، وشعيب ، وزكرياء ، ويحيى ، وإلياس ، والْيسع ، ولوط ، وتبّع . ومعنى قوله : { ورسلاً لم نقصصهم عليك } لم يذكرهم الله تعالى في القرآن ، فمنهم من لم يرد ذكره في السنّة : مثل حنظلة بن صفوان نبيء أصحاب الرسّ ، ومثل بعض حكماء اليونان عند بعض علماء الحكمة .
قال السهروردي في « حكمة الإشراق » : « منهم أهل السفارة » . ومنهم من ذكرته السنّة : مثل خالد بن سنَان العبسي .
وإنَّما ذكر الله تعالى هنا الأنبياء الذين اشتهروا عند بني إسرائيل لأنّ المقصود محاجّتهم . وإنَّما ترك الله أن يقصّ على النّبيء صلى الله عليه وسلم أسماء كثير من الرسل للاكتفاء بمن قصّهم عليه ، لأنّ المذكورين هم أعظم الرسل والأنبياء قصصاً ذات عبر .
وقوله : { وكلم الله موسى تكليما } غُيّر الأسلوب فعُدل عن العطف إلى ذكر فعل آخر ، لأنّ لهذا النّوع من الوحي مزيد أهمّيّة ، وهو مع تلك المزيّة ليس إنزال كتاب من السماء ، فإذا لم تكن عبرة إلاّ بإنزال كتاب من السماء حسب اقتراحهم ، فقد بطل أيضاً ما عدا الكلمات العشر المنزّلة في الألواح على موسى عليه السّلام .
وكلام الله تعالى صفة مستقلّة عندنا ، وهي المتعلّقة بإبلاغ مراد الله إلى الملائكة والرسلِ ، وقد تواتر ذلك في كلام الأنبياء والرسل تواترا ثبت عند جميع المِلّيِّين ، فكلام الله صفة له ثبتت بالشرع لا يدلّ عليها الدليل العقليّ على التحقيق إذ لا تدلّ الأدلّة العقلية على أنّ الله يجب له إبلاغ مراده الناس بل يجوز أن يُوجد الموجودات ثم يتركها وشأنَها ، فلا يتعلّق علمه بحملها على ارتكاب حَسَن الأفعال وتجنّب قبائحها . ألا ترى أنّه خلق العجماوات فما أمرها ولا نهى ، فلو ترك النّاس فوضى كالحيوان لما ستحال ذلك . وأنّه إذا أراد حمل المخلوقات على شيء يريده فطرها على ذلك فانساقت إليه بجبلاّتها ، كما فطر النحل على إنتاج العسل ، والشجر على الإثمار . ولو شاء لحمل النّاس أيضاً على جِبِلّة لا يعدونها ، غير أنَّنا إذ قد علمنا أنَّه عالم ، وأنّه حكيم ، والعلم يقتضي انكشاف حقائق الأشياء على ما هي عليه عنده ، فهو إذ يعلم حسن الأفعال وقبحها ، يريد حصول المنافع وانتفاء المضارّ ، ويرضى بالأولى ، ويكره الثّانية ، وإذْ اقتضت حكمته وإرادته أن جعل البشر قابلاً للتعلّم والصلاح ، وجعل عقول البشر صالحة لبلوغ غايات الخير ، وغايات الشرّ ، والتفنّن فيهما ، بخلاف الحيوان الذي يبلغ فيما جبل عليه من خير أو شرّ إلى غاية فطر عليها لا يعدوها ، فكان من المتوقّع طغيان الشرّ على الخير بعمل فريق الأشرار من البشر كان من مقتضى الحكمة أن يحمل النّاس على فعل الخير الذي يرضاه ، وترككِ الشرّ الذي يكرهه ، وحملُهم على هذا قد يحصل بخلق أفاضل النّاس وجبْلهم على الصلاح والخير ، فيكونون دعاة للبشر ، لكنّ حكمة الله وفضله اقتضى أن يخلق الصالحين القابلين للخير ، وأن يعينهم على بلوغ ما جُبلوا عليه بإرشاده وهديه ، فخلق النّفوس القابلة للنبوّة والرسالة وأمدّها بالإرشاد الدالّ على مراده المعبّر عنه بالوحي ، كما اقتضاه قوله تعالى : { الله أعلم حيثُ يجعل رسالاته } [ الأنعام : 124 ] فأثبت رسالة وتهيئة المرسَل لقبولها ومن هنا ثبتَت صفة الكلام .
فعلمنا بأخبار الشريعة المتواترة أنّ الله أراد من البشر الصلاح وأمرهم به ، وأن أمره بذلك بلغ إلى البشر في عصور ، كثيرة وذلك يدلّ على أنّ الله يرضى بعض أعمال البشر ولا يرضى بعضها وأنّ ذلك يسمّى كلاماً نفسياً ، وهو أزلي .
ثُمّ إنّ حقيقة صفة الكلام يحتمل أن تكون من متعلَّقات صفة العلم ، أو من متعلَّقات صفة الإرادة ، أو صفة مستقلّة متميّزة عن الصفتين الأخريين ؛ فمنهم من يقول : عَلم حاجة النّاس إلى الإرشاد فأرشدهم ، أو أرادَ هَدي الناس فأرشدهم . ونحن نقول : إنّ الإلهية تقتضي ثبوت صفات الكمال الّتي منها الرضا والكراهيّة والأمر والنهي للبشر أو الملائكة ، فثبتت صفة مستقلّة هي صفة الكلام النفسي ؛ وكلّ ذلك متقارب ، وتفصيله في علم الكلام .
أمّا تكليم الله تعالى بعض عباده من الملائكة أو البشر فهو إيجاد ما يعرِف منه الملَك أو الرسول أنّ الله يأمر أوْ ينهَى أو يخبر . فالتكليم تعلُّق لصفة الكلام بالمخاطب على جَعْل الكلام صفة مستقِلّة ، أو تعلّق العِلم بإيصال المعلوم إلى المخاطب ، أو تعلّق الإرادة بإبلاغ المراد إلى المخاطب . فالأشاعرة قالوا : تكليم الله عبده هو أن يخلق للعبد إدراكاً من جهة السمع يتحصّل به العلم بكلام الله دون حروف ولا أصوات . وقد ورد تمثيله بأنّ موسى سمع مِثْل الرعد عَلِم منه مدلول الكلام النفسي . قلت : وقد مثّله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن أبي هريرة " أنّ الله تعالى إذا قضى الأمر في السماء ضرَبَتْ الملائكة بأجنحتها خُضْعَاناً لقولِهِ كأنَّه سِلْسِلَة على صَفْوَانٍ فإذا فُزّع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربّكم ، قالوا للّذي قالَ « الحقّ وهو العليّ الكبير " فعلى هذا القول لا يلزم أن يكون المسموع للرسول أو الملك حروفاً وأصواتاً بل هو علم يحصل له من جهة سمعه يتّصل بكلام الله ، وهو تعلّق من تعلّقات صفة الكلام النفسي بالمكلِّم فيما لا يَزال ، فذلك التعلّق حادث لا محالة كتعلّق الإرادة . وقالت المعتزلة : يخلق الله حروفاً وأصواتاً بلغة الرسول فيسمعها الرسول ، فيعلم أنّ ذلك من عند الله ، بعلم يجده في نفسه ، يعلم به أنّ ذلك ورد إليه من قِبَل الله ، إلاّ أنَّه ليس بواسطة الملك ، فهم يفسّرونه بمثل ما نفسّر به نحن نزول القرآن ؛ فإسناد الكلام إلى الله مجاز في الإسناد ، على قولهم ، لأنّ الله منزّه عن الحروف والأصوات . والكلام حقيقة حروف وأصوات ، وهذه سفسطة في الدليل لأنّه لا يقول أحد بأنّ الحروف والأصوات تتّصف بها الذات العليّة . وهو عندنا وعندهم غير الوحي الذي يقع في قلب الرسول ، وغير التبليغ الذي يكون بواسطة جبريل ، وهو المشار إليه بقوله تعالى : { أوْ مِنْ وراء حِجاب } [ الشورى : 51 ] .
أمّا كلام الله الواردُ للرسول بواسطة الملَك وهو المعبّر عنه بالقرآن وبالتّوراة والإنجيل وبالزّبور : فتلك ألفاظ وحروف وأصوات يعلِّمها الله للملك بكيفية لا نعلمها ، يَعلَم بها الملَكُ أنّ الله يَدلّ ، بالألفاظ المخصوصة الملقاةِ للملَك ، على مدلولاتتِ تلك الألفاظ فيلقيها الملَك على الرسول كما هي قال تعالى :
{ أو يرسلُ رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء } [ الشورى : 51 ] وقال : { نزل به الروح الأمين على قبلك لتكون من المنذِرين بلسان عربيّ مُبين } [ الشعراء : 193 195 ] . وهذا لا يمتري في حدوثه من له نصيب من العلم في الدّين . ولكن أمسك بعض أيمّة الإسلام عن التصريح بحدوثه ، أو بكونه مخلوقاً ، في مجالس المناظرة التي غشيتْها العامَّة ، أو ظُلمة المكابرة ، والتحفّز إلى النبز والأذَى : دفعاً للإيهام ، وإبقاء على النسبة إلى الإسلام ، وتنصّلاً من غوغاء الطغام ، فَرَحم الله نفوساً فُتنت ، وأجسَاداً أوجعت ، وأفواهاً سكتت ، والخير أرادوا ، سواء اقتصدوا أم زادوا . والله حسيب الذين ألّبوا عليهم وجمعوا ، وأغروا بهم وبئس ما صنعوا .
وقوله { تكليماً } مصدر للتوكيد . والتوكيد بالمصدر يرجع إلى تأكيد النسْبة وتحقيقها مثل ( قَدْ ) و ( إنّ ) ، ولا يقصد به رفع احتمال المجاز ، ولذلك أكّدت العرب بالمصدر أفعالاً لم تستعمل إلاّ مجازاً كقوله تعالى : { إنَّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً } فإنَّه أراد أنّه يطهّرهم الطهارة المعنوية ، أي الكمال النفسي ، فلم يفد التأكيد رفع المجاز . وقالت هند بنت النعمان بن بشير تذمّ زوجها رَوْح بن زِنْباع :
بَكَى الخَزّ من رَوْح وأنْكَرَ جِلْده *** وعجَّتْ عجيجاً من جُذَامَ المَطَارف
وليس العجيج إلاّ مجازاً ، فالمصدر يؤكِّد ، أي يُحقِّق حصول الفعْل الموكَّد على ما هو عليه من المعنى قبل التَّأكيد .
فمعنى قوله : { تكليماً } هنا : أنّ موسى سمع كلاماً من عند الله ، بحيث لا يحتمل أنّ الله أرسل إليه جبريل بكلام ، أو أوحى إليه في نفسه . وأمّا كيفية صدور هذا الكلام عن جانب الله فغرض آخر هو مجال للنظر بين الفِرق ، ولذلك فاحتجاج كثير من الأشاعرة بهذه الآية على كون الكلام الَّذي سمعه موسى الصفة الذاتية القائمة بالله تعالى احتجاج ضعيف . وقد حكى ابن عرفة أنّ المازري قال في « شرح التلقين » : إنّ هذه الآية حجّة على المعتزلة في قولهم : إنّ الله لم يكلّم موسى مباشرة بل بواسطة خَلق الكلام لأنَّه أكَّده بالمصدر ، وأنّ ابن عبد السلام التّونسي ، شيخ ابن عرفة ، ردّه بأنّ التأكيد بالمصدر لإزالة الشكّ عن الحديث لا عن المحدّث عنه . وتعقّبه ابن عرفة بما يؤول إلى تأييد ردّ ابن عبد السلام .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
إنا أوحينا إليك، كما أوحينا إلى نوح، وإلى رسل قد قصصناهم عليك، ورسل لم نقصصهم عليك...
"وكَلّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيما": وخاطب الله بكلامه موسى خطابا... مشافهة.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
ثم في قوله تعالى: {ورسلا لم نقصصهم عليك} دلائل من وجوه: أحدها: أن معرفة الرسل بأجمعهم واحدا بعد واحد ليس من شرط الإيمان بعد أن يؤمن بهم جميعا؛ لأنه أخبر عز وجل أن من الرسل من {لم نقصصهم عليك} ولو كانت معرفتهم من شرط الإيمان لقصهم عليه جميعا، لا يحتمل ترك ذلك. دل أنه ليس ذلك من شرط الإيمان والله أعلم. والثاني: أن الإيمان ليس هو المعرفة، ولكنه التصديق لأنه لم يؤخذ عليه معرفة الرسل (وقد أخبر) بتصدقيهم والإيمان بهم جملة...
وقوله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما} يخرج هذا، والله أعلم، مخرج التخصيص له، إذ ما من رسول إلا وقد كان له خصوصية. ولموسى عليه السلام إذ كلمه من غير أن كان ثمة سفير أو رسول، وكان لسائر الرسل وحي يوحي إليهم، أي دليل لرسل، والله أعلم. وقوله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما} دل المصدر على تحقيق الكلام؛ إذ المصادر مما تؤكد حقائق ما له المصادر في موضع اللغة. وأيد ذلك الأمر المشهور من تسمية موسى: كليم الله، وما جرى على ألسن الخلق من القول بأن الله كلم موسى، فثبت أنه كان له في ما كلمه خصوصية، لم يشركه فيها غيره من الرسل...
آراء ابن حزم الظاهري في التفسير 456 هـ :
إن لله كلاما، وإنه كلم موسى ومن كلم من الأنبياء والملائكة عليهم السلام تكليما حقيقة لا مجازا، بكلام مسموع بالآذان معلوم بالقلب بخلاف القول فإنه يكون بوسيطة مكلم غير الله.
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
فإن قال قائل: بأي شيء عرف موسى أنه كلام الله؟ قيل: بتعريف الله -تعالى- إياه، وإنزال آية عرف موسى بتلك الآية أنه كلام الله -تعالى-، وهذا مذهب أهل السنة أنه سمع كلام الله حقيقة، بلا كيف، وقال وائل بن داود: معنى قوله: (وكلم الله موسى تكليما) أي: مرارا، كلاما بعد كلام.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
و {قصصناهم} معناه ذكرنا أسماءهم وأخبارهم، وقوله تعالى: {ورسلاً لم نقصصهم عليك} يقتضي كثرة الأنبياء دون تحديد بعدد، وقد قال تعالى {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} وقال تعالى: {وقروناً بين ذلك كثيراً} وما يذكر من عدد الأنبياء فغير صحيح، الله أعلم بعدتهم، صلى الله عليهم...
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
{ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما} وهو منتهى مراتب الوحي خص به موسى من بينهم، وقد فضل الله محمدا صلى الله عليه وسلم بأن أعطاه مثل ما أعطى كل واحد منهم.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
وقوله {وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} أي: من قبل هذه الآية، يعني: في السور المكية وغيرها.
وهذه تسمية الأنبياء الذين نُصَّ على أسمائهم في القرآن، وهم: آدم وإدريس، ونوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وأيوب، وشعيب، وموسى، وهارون، ويونس، وداود، وسليمان، وإلياس، والْيَسَع، وزكريا، ويحيى، وعيسى [عليهم الصلاة والسلام] وكذا ذو الكفل عند كثير من المفسرين، وسيدهم محمد صلى الله وعليه وسلم.
وقوله: {وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} أي: خلقا آخرين لم يذكروا في القرآن...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما تم ما اقتضاه مقام النبوة، وكان فيهم رسل، وكان ربما قال متعنت: إن شأن الرسل غير شأن الأنبياء في الوحي، قال عاطفاً على ما تقديره من معنى "أوحينا ": أرسلنا من شئنا من هؤلاء الذين قصصناهم عليك هنا إلى من شئنا من الناس: {ورسلاً} أي غير هؤلاء {قد قصصناهم} أي تلونا ذكرهم {عليك} ولما كان القص عليه غير مستغرق للزمان الماضي قال: {من قبل} أي من قبل إنزال هذه الآية {ورسلاً لم نقصصهم عليك} أي إلى الآن.
ولما كان المراد أنه لا فرق بين النبي والرسول في الوحي، نبه على ذلك بقوله: {وكلم الله} أي الذي له الكمال كله، فهو يفعل ما يريد، لا أمر لأحد معه {موسى تكليماً} أي على التدرج شيئاً فشيئاً بحسب المصالح من غير واسطة ملك، فلا فرق في الوحي بين ما كان بواسطة وبين ما كان بلا واسطة، والمعنى أنكم لو كنتم إنما تتوقفون عن الإيمان ببعض الأنبياء تثبتاً لتعلموا أنه فعل به ما فعل بموسى عليه الصلاة والسلام من الكرامة، لم تؤمنوا بإبراهيم وإسحاق ويعقوب والأسباط وهارون وغيرهم، فإنه خص بالتكليم دونهم، فلِمَ جعلتم الإتيان بمثل ما أتى به موسى عليه الصلاة والسلام شرطاً في الإيمان ببعض الأنبياء دون بعض؟ وإن جعلتم الشرط الإتيان بالكتاب جملة ومن السماء مدعين أنه كان له ذلك دون التكليم وغيره مما جعل له، كان ذلك -على تقدير التسليم تنزلاً- تحكماً وترجيحاً من غير مرجح، على أن التوراة أيضاً -كما تقدم بيانه- كهذا القرآن في إنزالها منجمة على حسب الوقائع على ما أشار إليه قوله (تكليماً) ولم يكتب منها جملة إلا اللوحان اللذان وضعا في تابوت الشهادة كما أنزل بعض سور القرآن جملة كسورة الأنعام، وليس في نزول موسى عليه الصلاة والسلام بهما من جبل الطور مكتوبَين دليل على نزولهما من السماء، ويدل على ذلك كثير من نصوصها... وفي قصة نوح وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام ما هو صريح في أن الإيحاء إليهما كان منجماً -كما مضى عنهما في قصة إبراهيم عليه السلام في البقرة، ويأتي إن شاء الله تعالى في ذكر الأخبار في الأعراف وفي قصة نوح عليه الصلاة والسلام في سورة هود- والله الموفق، وقد ابتدأ سبحانه في هذه الآية بنوح عليه الصلاة والسلام أول أولي العزم وأصحاب الشرائع وجوداً، وهو من أوائل الأنبياء، وزمانه في القدم بحيث لا يعلم مقداره على الحقيقة إلا الله تعالى، ثم ثنى بثانيهم في الوجود وهو إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم ذكر أولاده على ترتيبهم، والأسباط يحتمل أن يراد بهم أولاد يعقوب عليه الصلاة والسلام أنفسهم وقبائلهم، ويكون المعنى حينئذ: وأنبياء الأسباط، ويكون مما استعمل في حقيقته ومجازه، ويكون شاملاً لجميع أنبياء بني إسرائيل، ثم صرح ببعض من دخل منهم في العموم فبدأهم بآخرهم بعثاً وهو عيسى عليه الصلاة والسلام الذي هو أحد نبي أهل الكتابين، وختم الآية بأحد أصحاب الكتب منهم، وهو جده المشهور بالنسبة إليه، فإن اليهود يقولون لعيسى عليه الصلاة والسلام: يا ابن داود! لأن أمه في ذريته، وختم الآية بأول نبي أهل الكتابين موسى عليه الصلاة والسلام الذي آخر آجرّ تبنى على الإسلام، فانتقله المنتمون إلى أتباعه، ووسّط أخاه هارون عليه الصلاة والسلام بين اثنين من أهل البلاء: أيوب ويونس واثنين من أهل الملك -وأحدهم صاحب كتاب- وهما سليمان وداود، وكل ذلك إشارة إلى أنه لا فرق في كيفية الإيحاء بنحو ما إلى الأنبياء بين متقدمهم ومتأخرهم، سواء كان من بني إسرائيل أو من غيرهم، وسواء منهم من أوتي الملك ومن لم يؤته، ومن أتى بكتاب ومن لم يأت؛ ومن لطائف هذا الترتيب أن المخصوصين بالذكر في الآية الأولى بعد دخولهم في العموم أحد عشر أسماء، الأسباط أحدها، والمشهور بالكتب والصحف منهم ثلاثة: إبراهيم وعيسى وداود، وقد وقع كل منهم سادساً لصاحبه، وهو العد الذي كان فيه الخلق، فلعل ذلك إشارة إلى أن الله لا يحب العجلة، فكما أنه لم يعجل في إنشاء الخلق، فكذلك لم يعجل بإنزال الكتب التي بها قوامهم وبقاؤهم دفعة، بل أنزلها منجمة تبعاً لمصالحهم وتثبيتاً لدعائمهم، ومن لطائفه أنه تعالى بدأ المذكورين، وختمهم باثنين من أولي العزم اشتركا في أن كلاً منهما أهلك من عانده كنفس واحدة بالإغراء، ترهيباً لهؤلاء الملبسين على أهل الإسلام بالباطل المدعين أنهم أتباع، ووسّط بينهم وبين بقية المسمين عموم النبيين والمرسلين، ولعله آخر الرسل ليفهم أن كل من عطفوا عليه مرسل، ولأن رتبة النبوة قبل رتبة الرسالة، بمعنى أنها أعم منها.
ولما سرد أسماء من دخل في العموم بدأهم بأشرفهم ثم بالأقرب إلى هذا النبي الكريم فالأقرب من المرتبين على حسب ترتيب الوجود، إشارة إلى أنه سن به في الوحي سنة آبائه وإخوانهم وذرياتهم -والله أعلم.
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
والصواب في هذا الباب وغيره، مذهب سلف الأمة وأئمتها: أنه سبحانه لم يزل متكلما إذا شاء. وأنه يتكلم بمشيئته وقدرته. وأن كلماته لا نهاية لها. وأنه نادى موسى بصوت سمعه موسى. وإنما ناداه حين أتى. لم يناده قبل ذلك. وأن صوت الرب لا يماثل أصوات العباد، كما أن علمه لا يماثل علمهم. وقدرته لا تماثل قدرتهم. وأنه سبحانه بائن عن مخلوقاته بذاته وصفاته.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
وإنما لم يقص الله تعالى خبر الرسل الذين أرسلهم إلى أولئك الأقوام لأن حكمة ذكر الرسل وفوائد بيان قصصهم له صلى الله عليه وآله وسلم لا تتحقق بقصص أولئك المجهول حالهم وحال أممهم عند قومه وجيران بلاده من أهل الكتاب. وهذه الحكم والفوائد هي المشار إليها في قوله تعالى {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} [يوسف:111] وقوله: {وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك، وجاءك في هذا الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين} [هود:120] وقوله: {وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين* ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر، وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آيتنا ولكنا كنا مرسلين* وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون} [القصص:4445]...
{وكلم الله موسى تكليما} خاصا ممتازا عن غيره من ضروب الوحي العام لأولئك النبيين، ولولا ذلكم لم يختلف التعبير، كما علمت من إيتاء داود الزبور، وإن صح أن يسمى الوحي إليهم تكليما، والتكليم لهم وحيا، كما يفهم من قوله تعالى {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا، أو من وراء الحجاب، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء} [الشورى:51] والظاهر أن تكليم موسى كان من النوع الثاني وهو التكليم من وراء حجاب. وقد سماه وحيا في قوله تعالى: {وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى} [طه:13] الخ. أما حقيقة ذلك الوحي والتكليم فليس لنا أن نخوض فيه لأننا لم نكن من أهله، على أننا لا نعرف حقيقة كلام بعضنا مع بعض بواسطة الأصوات التي تجعل كل ذرة من الهواء متكيفة به، وهي أعم الوسائط وأظهرها. وأما الحجاب فحكمته حصر القوة الروحية والاستعداد بالتوجه إلى شيء واحد تتحد فيه همومها وأهواؤها المفترقة كما كان شأن موسى إذا رأى النار في الشجرة. وأما الرسول الذي يرسله الله فيوحي إلى النبي بإذنه ما يشاء فهو ملك الوحي المعبر عنه بالروح الأمين.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وغيرهم ممن قصهم الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن، وممن لم يقصصهم عليه.. موكب من شتى الأقوام والأجناس، وشتى البقاع والأرضين. في شتى الآونة والأزمان. لا يفرقهم نسب ولا جنس، ولا أرض ولا وطن. ولا زمن ولا بيئة. كلهم آت من ذلك المصدر الكريم. وكلهم يحمل ذلك النور الهادي. وكلهم يؤدي الإنذار والتبشير. وكلهم يحاول أن يأخذ بزمام القافلة البشرية إلى ذلك النور.. سواء منهم من جاء لعشيرة. ومن جاء لقوم. ومن جاء لمدينة ومن جاء لقطر.. ثم من جاء للناس أجمعين: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين.
كلهم تلقى الوحي من الله. فما جاء بشيء من عنده. وإذا كان الله قد كلم موسى تكليما فهو لون من الوحي لا يعرف أحد كيف كان يتم. لأن القرآن -وهو المصدر الوحيد الصحيح الذي لا يرقى الشك إلى صحته- لم يفصل لنا في ذلك شيئا. فلا نعلم إلا أنه كان كلاما. ولكن ما طبيعته؟ كيف تم؟ بأية حاسة أو قوة كان موسى يتلقاه؟... كل ذلك غيب من الغيب لم يحدثنا عنه القرآن. وليس وراء القرآن -في هذا الباب- إلا أساطير لا تستند إلى برهان.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
قوله: {ورُسلا قد قصصناهم عليك من قبل} يعني في آي القرآن مثل: هود، وصالح، وشعيب، وزكرياء، ويحيى، وإلياس، والْيسع، ولوط، وتبّع. ومعنى قوله: {ورسلاً لم نقصصهم عليك} لم يذكرهم الله تعالى في القرآن، فمنهم من لم يرد ذكره في السنّة: مثل حنظلة بن صفوان نبيء أصحاب الرسّ، ومثل بعض حكماء اليونان عند بعض علماء الحكمة.
وإنَّما ذكر الله تعالى هنا الأنبياء الذين اشتهروا عند بني إسرائيل لأنّ المقصود محاجّتهم. وإنَّما ترك الله أن يقصّ على النّبيء صلى الله عليه وسلم أسماء كثير من الرسل للاكتفاء بمن قصّهم عليه، لأنّ المذكورين هم أعظم الرسل والأنبياء قصصاً ذات عبر.
وقوله: {وكلم الله موسى تكليما} غُيّر الأسلوب فعُدل عن العطف إلى ذكر فعل آخر، لأنّ لهذا النّوع من الوحي مزيد أهمّيّة، وهو مع تلك المزيّة ليس إنزال كتاب من السماء، فإذا لم تكن عبرة إلاّ بإنزال كتاب من السماء حسب اقتراحهم، فقد بطل أيضاً ما عدا الكلمات العشر المنزّلة في الألواح على موسى عليه السّلام.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
{ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك}
هذا بيان إجمالي يقرر أن الله تعالى أرسل رسلا كثيرة، قد قص بعضهم على النبي صلى الله عليه وسلم والآخر لم يقصه، والقص تتبع الأثر يقال قصصت أثره ثم أطلق على الأخبار المتتابعة، ونرى هنا أن (قص) متعدية، مفعولها المذكور من أخبارهم والمعنى على هذا في النص تتبعنا آثارهم وأخبارهم التي يكون في ذكرها عبرة لأولي الألباب، وليكون ضرب الأمثال للنبي صلى الله عليه وسلم في صبرهم، وإيذاء أقوامهم لهم، وإن الرسل الذين قصهم الله تعالى على نبيه من قبل كان في السور المكية، فإنها مملوءة بأخبارهم وفيه ذكرى النبوات الأولى السابقة على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم. وإن أكثر هؤلاء الذين قص الله تعالى أخبارهم ممن كانوا في البلاد العربية أو يجاورونها أو كانت له صلة بالنبي صلى الله عليه وسلم في نسب، أو كان الذين يدعون إتباعهم يجادلون النبي صلى الله عليه ونسلم ويمارون في دعوته.
وليست النبوة مقصورة في هؤلاء، إنما هناك نبوات ورسالات أخرى كانت في الأمم البعيدة مثل الصين والهند وغيرها من الأراضي التي سكنها أقوام كثيرون، وليس لنا إلا أن نفرض أن رسلا بعثوا إلى هؤلاء الأقوام، لأن الله تعالى يقول: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى (36)} (القيامة) ولا شك أن تركهم من غير نبي مبعوث ترك لهم سدى، وذلك ما نفى الله تعالى في استنكار أن يقع وقد قال تعالى: {وإن من أمة لا خلا فيها نذير (24)} (فاطر).
ولذلك قال تعالى في هذا النص الكريم الذي نتكلم في معناه {ورسلا قد قصصناهم عليك} ونصبت "رسلا "على الاشتغال أي نصبت بفعل قد تضمن معناه الفعل الذي ولى المنصوب، والمعنى قصصنا رسلا من قبل: {ورسلا قد قصصناهم عليك} ويكون الابتداء بذكر الرسل والاهتمام بهم لأنهم المقصودون، وأخبارهم وقصصهم جاء تبعا لهم وختم الله النص بقوله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما} هذا تخصيص لموسى عليه السلام بالذكر، ولم يذكر في ضمن من ذكوا من السابقين وذلك لأنه هو الذي نزلت عليه التوراة التي كانت شريعة لمن جاء بعده، ولأن اليهود الذي جحدوا بآيات الله كانوا يدعون الأخذ بشريعته ولأنه نزل به اختبار شديد بسبب بني إسرائيل الذين كانوا محل رسالته، وأخيرا لأنه اختص من بين المذكورين بأن الله تعالى كلمه، وقد جاء الصريح بأنه كلمه في هذا النص، وفي غيره ومن ذلك قوله تعالى في أول سورة طه: {فلما أتاها نودي يا موسى (11) إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى (12) وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى (13)} (طه).
ويتكلم الحق سبحانه عن تاريخ النبوات مع قومهم بكلمة "قصصنا "ولذلك حكمة، فالقصص معناه أنه لا عمل في الأحداث للرسول بل تأتي الأحداث في السياق كما وقعت وسبحانه يعلم أزلا أن خلقه سيبتكرون فنا اسمه "فن القصص"...
ولذلك يأتي الحق ليوضح لنا أن القص الخاص بالرسل وبغيرهم في القرآن قصص واقعي حقيقي حدث فعلا. وكلمة "القصص" مأخوذة من قص الأثر أي أن نسير مع القدم كما تذهب، فلا نذهب هنا ولا نذهب هناك، وحكايات الأنبياء في القرآن واقعية ومن رواية الحق لا من رواية الخلق، وثمة فارق بين ما يرويه الحق لخلقه ليسيروا على المنهج وما يرويه الخلق بعضهم لبعض للتسلية أو غير ذلك ونجد روايات الخلق تزدحم في بعض الأحيان بخيال البشر... إذن يعطينا الحق في القصص القرآني المثل لنجمع من حياة كل رسول العبر ونستفيد منها، لنكون بحق خير أمة أخرجت للناس لأننا أخذنا تجارب كل رسول وجعلنا منهجا لنا في حياتنا...
واللقطات القصصية في القرآن تعلمنا الكثير، وأراد الحق أن يثبت بها للأمة المحمدية دقة المنهج الإيماني فمادام قد أرسل لنا منهجا لنعلمه، فهو يطلب منا أن نطبق هذا المنهج ونوظفه في حياتنا وليس ذلك بدعا بل هو موجود في قصص الرسل الذين علموا المنهج فطبقوه في ذواتهم أولا، لأن الآفة أن نعلم العلم ولا نطبقه.