فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَرُسُلٗا قَدۡ قَصَصۡنَٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلٗا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَۚ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا} (164)

{ و } أرسلنا { رسلا } وقرأ أبي : رسل بالرفع على تقدير منهم { قد قصصناهم عليك } أي سميناهم لك في القرآن وعرفناك أخبارهم ، وإلى من بعثوا من الأمم وما حصل لهم من قومهم ، ومعنى { من قبل } أنه قصهم عليه من قبل هذه السورة أو من قبل هذا اليوم { ورسلا لم نقصصهم عليك } أي لم نسمهم لك ولم نعرفك أخبارهم .

وقيل إنه لما قص في كتابه بعض أسماء أنبيائه ولم يذكر أسماء بعض قالت اليهود : ذكر محمد الأنبياء ولم يذكر موسى فنزل { وكلم الله موسى } بلا واسطة أي أزال عنه الحجاب حتى سمع كلام الله سبحانه ، والمعنى أن التكليم بغير واسطة منتهى مراتب الوحي خص به موسى من بينهم ، ولم يكن ذلك قادحا في نبوة سائر الأنبياء ، فكيف يتوهم أن نزول التوراة جملة قادح في نبوة من أنزل عليه الكتاب مفصلا .

قرأ الجمهور برفع الاسم الشريف على أن الله هو الذي كلم موسى ، وقرأ النخعي ويحيى بن وثاب بنصب الاسم على أن موسى هو الذي كلم الله سبحانه ، و { تكليما } مصدر مؤكد ، وفائدة التأكيد دفع توهم كون التكليم مجازا كما قال الفراء أن العرب تسمي ما وصل إلى الإنسان كلاما بأي طريق وصل ما لم يؤكد بالمصدر ، فإذا أكد لم يكن إلا حقيقة الكلام .

قال النحاس : وأجمع النحويون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصدر ولم يكن مجازا ، وفيه رد على من يقول إن الله خلق كلاما في محل فسمع موسى ذلك الكلام .

أخرج عبد بن حميد والحكيم والترمذي في نوادر الأصول وابن حبان في صحيحه والحاكم وابن عسكر عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله كم الأنبياء ؟ قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، قلت كم الرسل منهم قال : ثلثمائة وثلاثة عشر جم غفير ، وأخرج نحوه ابن حاتم عن أبي أمامة مرفوعا إلا أنه قال : والرسل ثلثمائة وخمسة عشر{[571]} .

وأخرج أبو يعلى والحاكم بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان فيمن خلا من إخواني الأنبياء ثمانية آلاف نبي ثم كان عيسى ثم كنت أنا من بعده{[572]} .


[571]:مسند أحمد5/198.
[572]:المستدرك 2/598.