بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَرُسُلٗا قَدۡ قَصَصۡنَٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلٗا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَۚ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا} (164)

ثم قال : { وَرُسُلاً قَدْ قصصناهم عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } يعني قد سميناهم لك من قبل ، يعني بمكة { وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ } يعني لم نسمهم لك ، وقد أرسلناك كما أرسلنا هؤلاء . وروي عن كعب الأحبار أنه قال : كان الأنبياء ألفي ألف ومائتي ألف . وقال مقاتل : كان الأنبياء ألف ألف ، وأربعمائة ألف ، وأربعة وعشرين ألفاً . وروي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « بُعِثْتُ عَلَى أَثَرِ ثَمَانِيَةِ آلافٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ أَرَبَعَةُ آلافٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ » قال الفقيه أبو الليث : حدّثنا الفقيه أبو جعفر ، قال : حدّثنا أحمد بن محمد القاضي ، قال : حدّثنا إبراهيم بن حشيش البصري ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث الأعور ، عن أبي ذر الغفاري قال : قلت يا نبي الله كم كانت الأنبياء ؟ وكم كان المرسلون فقال صلى الله عليه وسلم : « كَانَتِ الأنْبِياءُ مِائَةَ ألْفِ نَبِيٍّ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ ، وَكَانَ المُرْسَلُونَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ » ثم قال : { وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً } قال بعضهم : معناه أنه قد أوحى إليه ، وإنما سماه كلاماً على وجه المجاز كما قال في آية أخرى { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سلطانا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } [ الروم : 35 ] أي يستدلون بذلك ، والعرب تقول : قال الحائط كذا . وقال عامة المفسرين وأهل العلم : إن هذا كلام حقيقة لا كلام مجاز ، لأنه قد أكده بالمصدر حيث قال : { وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً } والمجاز لا يؤكد لأنه لا يقال : قال الحائط قولاً ، فلما أكده بالمصدر نفى عنه المجاز ، وقال في موضع آخر : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لشيء إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ النحل : 40 ] وقد أكده بالتكرار ونفى عنه المجاز . وقال في موضع آخر { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ } [ الشورى : 51 ] يعني الأنبياء الذين لم يكونوا مرسلين ، فأراهم في المنام أو من وراء حجاب بكلام مثل ما كلم الله موسى ، أو يرسل رسولاً وهو رسالة جبريل إلى المسلمين .